كثيرة هي المزاعم والأكاذيب الصادرة عن نظام الملالي الإيراني بحق المملكة العربية السعودية، ومعظمها لا يستحق الرد عليه، لأنها غالبا ماتعبر عن بلاهة مفرطة، ولكن عندما يتفوه جنرال يفترض أنه كبير مستشاري الجيش الإيراني، بتخرصات وأكاذيب في الشؤون العسكرية فنحن بصدد حالة غير مسبوقة من جنون نظام الملالي! ومؤخرًا، خرج كبير مستشاري الجيش الإيراني العميد رضا خرم طوسي، محذرًا المملكة العربية السعودية زاعمًا أن المملكة لا تستطيع الصمود لمدة 48 ساعة أمام القوة العسكرية الإيرانية!
أن يقول هذا الكلام رجل عادي أو يجاهر به شخص غير متخصص فربما كان هذا من الأمور التي يمكن تجاوزها، ولكن أن يقول به عسكري بدرجة "كبير مستشارين عسكريين"فنحن بصدد حالة مرضية ترقى إلى درجة الجهل المعلوماتي التام.
يدرك أي متابع جيد للشؤون العسكرية والأمنية أن توازنات القوى العسكرية بين المملكة العربية السعودية وإيران ليست في صالح نظام الملالي مطلقًا، ولست من هواة استعراض أرقام واحصاءات العتاد العسكري والأعداد البشرية لدى جيشي البلدين لسبب بسيط أن الحروب لم تعد تتوقف على عدد الجيوش ولا قدراتها العملياتية فقط بل تتأثر أيضًا، وبشدة، بالقوة الشاملة للدول، وهنا لا يخفي على أحد حال الاقتصاد الإيراني على سبيل المثال، الذي شارف على الانهيار لمجرد بروز مؤشرات على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي!
المعلوم جيدًا للملالي أن المملكة العربية السعودية جيشًا متطورًا، ولاسيما على صعيد سلاح الجو، القادر على اكتساح الجيش الإيراني وميلشياته وحصدها تمامًا، بما يمتلك من تفوق جوي ونيراني تفتقر إليه إيران التي تعمل وفق نظرية الحرب بالوكالة وتراهن على حشد الميلشيات الطائفية في تحقيق طموحاتها التوسعية من دون أن تمتلك أي مقدرة عملياتية عسكرية حقيقية، فضلًا عن أن قدراتها الصاروخية التي تباهي بها يمكن تحييدها بسهولة في أي صراع عسكري إقليمي محتمل في ظل الحوائط والأنظمة الدفاعية المتقدمة التي تمتلكها المملكة.
عما يتحدث إذا الجنرال طوسي عندما يزعم بأن 48 ساعة فقط كفيلة بهزيمة الجيش السعودي، إنه يخوض غمار حرب نفسية لا تسمن ولا تغني من جوع، فمن الواضح أن جنرالات الملالي لا يجيدون قراءة متغيرات المشهد الاستراتيجي من حولهم، فهذه اللغة كان يمكن أن تؤتي أكلها في ظروف مغايرة، ولكن دول المنطقة الآن بيد قادة شباب عملوا على تطوير قدرات بلادهم الدفاعية واستعدوا جيدًا لحماية مصالح دولهم وشعوبهم، وننصح الجنرال طوسي بتحليل موازين القوى العسكرية المنشورة في دوريات استراتيجية محترمة وأخذ نتائج هذا التحليل بالاعتبار عندما يتحدث عن تهديد المملكة العربية السعودية.
الفارق بين جنون الملالي ونضج المملكة، أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد ذكر في مقابلة مع مجلة "ايكونومست"خلال شهر أبريل الماضي ردًا على سؤال حول احتمال نشوب حرب مباشرة بين السعودية وإيران، قال إن هذا أمر لا نتوقعه ومن يدفع بهذا الاتجاه ليس في كامل قواه العقلية لأن الحرب بين السعودية وإيران تعني بداية كارثة كبرى في المنطقة، وسوف تنعكس بقوة على بقية العالم، وبالتأكيد لن نسمح بحدوث ذلك.
هذا هو الفارق بجلاء بين رشادة القيادة السعودية وجنون الملالي وأذنابهم، فالتهديد السعودي الذي يتحدث عنه الجنرال طوسي يتعلق بالموقف السعودي الخاص بضرورة تبني موقف دولي للجم طموحات إيران التوسعية، وفارق كبير بين أن تتجه لتفعيل القوانين الدولية وتعمل في إطار مؤسسي دولي للتصدي للتهديدات التي تواجه أمن دولتك، وبين أن تتحدث بلغة لا تعبر سوى عن "البلطجة"وعدم الاعتراف بالقوانين والأعراف والمواثيق الدولية الحاكمة للعلاقات بين الدول في العصر الحديث!
لم يشر أي مسؤول سعودي عن مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران ولم تصدر تهديدات عسكرية ضد إيران، والأمر يتعلق بحدود احترام القانون الدولي وسيادة دول الجوار ولا علاقة له بالمواجهات التي يصمد فيها هذا الجيش أو ذاك كما عبر الجنرال النائم، الذي كان يجب عليه أن يوجه تهديداته للجيش الإسرائيلي الذي وجه أكثر من ضربة للميلشيات الإيرانية في سوريا وتسبب في مقتل العديد من الإيرانيين، فيما أصيب الملالي بالعدوى من نظام الأسد واكتفوا بالإعلان عن نيتهم الرد في الوقت المناسب!
رسالتي للجنرال طوسي: لن يفلح تكتيك صرف الأنظار عن الاهانات التي تتلقاها قواتكم في سوريا على يد إسرئيل، فالإيرانيين يدركون أن المواجهة الآن مع إسرائيل وليست مع السعودية وعليكم إذن توجيه التهديد إلى عنوان الصحيح وإلا فلتخرس ألسنتكم وتبتلعوا الإهانات صامتين، وهذا أكرم لكم.