أصدر الكاتب والباحث الاستراتيجي الإماراتي الدكتور سالم الكتبي كتاباً بعنوان "فخر العروبة: صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان .. القائد والانسان"، ويتناول مواقف وسياسات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجاء الكتاب في مقدمة وتمهيد وسبعة فصول وخاتمة ويتميز بكونه عملاً علمياً أكاديمياً موثقاً بأسلوب منهجي ويعد هذا الكتاب الأول من نوعه في هذا الموضوع، حيث يسلط الضوء بشكل علمي على سياسات ومواقف وتوجهات صاحب السمو ولي عهد أبوظبي، ويستعرض بأسلوب رشيق وحس وطني متميز أبعاد مواقفه وسياساته ودورها في الحفاظ على الأمن والاستقرار الاقليمي.
ويستهل الكتاب بمقدمة رائعة استعان فيها الكاتب بأبيات شعر لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في وصف شخصية أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وهي أبيات اعتبر الكاتب أنها أبلغ ما كتب في وصف شخصية سموه، والتعبير عن قوميته وشهامته ووطنيته وعروبته.
ويسلط الفصل الأول الضوء بقوة على مدرسة الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشـيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه (زايد الخير) في الحكم والقيادة، انطلاقاً من أن تلك المدرسة قد أسست لعبقرية القيادة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويشـير هذا الفصل إلى أن صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، هو امتداد للمغفور له بإذن الله تعالى الشـيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه – وأحد أبرز أبناء مدرسته الخالدة المخلصـين، مشـيراً إلى أن صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان قد تشـرب من القائد المؤسس، طيب الله ثراه، صفاته المتفردة في القيادة والسـياسة والحكم والحكمة والقرب من الناس والانفتاح عليهم،بالإضافة إلى كاريزما القيادة التي لا تتوافر للقائد بسبب موقعه في السلطة أو سلطاته التي يقررها منصبه أو اختصاصاته التي يحددها الدستور والقانون، وإنما من اقتناع الناس به وحبهم له ولصفاته الشخصـية والقيادية المتفردة التي تميزه عن غيره، وتعقد له لواء الزعامة والقيادة في قلوب الناس وعقولهم عن رضا وقبول طوعي منهم، من منطلق ثقتهم بقدرة القيادة على تجسـيد طموحاتهم والتعبير عنها، وإيمانهم بإخلاصها ورؤاها الثاقبة. ويعدد هذا الفصل العوامل والاعتبارات التي أسهمت في اكتساب صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان مبادئ مدرسة زايد الخير، طيب الله ثراه، وتجسـيدها خير تجسـيد في القول والفعل خلال المراحل المختلفة من حياة سموه.
وفي الفصل الثاني المعنون "مراحل مبكرة من حياة صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان" يتناول المؤلف دور المراحل المبكرة في حياة سموه، والوظائف والمسؤوليات التي تحملها، والقيم والأفكار التي تشـربها، والشخصـيات التي تأثر بها وتعامل معها وغيرها من العناصـر والمؤثرات الأخرى، في تقرير ملامح شخصـيته خلال حياته كلها، بالنظر إلى أهمية هذه المرحلة العمرية وكيف أنها تمثل الأساس الذي تقوم عليه الحياة بعد ذلك، وتستند إلى ما زرعته هذه المرحلة من سمات وملامح عميقة في شخصـيته ومنظومته القيمية والأخلاقية. ويشـير هذا الفصل إلى أن المراحل المبكرة في حياة صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، كانت ثرية ومليئة بالخبرات الثمينة والتجارب القيمة، وكيف لا وقد عاش سموه هذه المراحل المهمة في حياته في كنف المغفور له بإذن الله تعالى الشـيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه – الذي يمثل مدرسة بذاته مازالت مناهجها باقية، ومَعينها متدفقاً لا ينضب، ودروسها شاخصة للعيان ولكل من يريد أن يتعلم كيف تُبنى الدول وتتقدم إلى الإمام وتحفظ مكتسباتها، كما تربى سموه على يد أم اتسمت – ولا تزال أطال الله في عمر سموها – بتفردها وتميزها بين القيادات النسائية في العالم أجمع، وهي سمو الشـيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسـرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة "أم الإمارات"،بكل ما تمثله سموها من معاني الإرادة الصلبة والشخصـية القيادية وحب الوطن والإنسانية والعطاء بلا حدود، والرؤية الثاقبة للحاضـر والمستقبل.
وفي الفصل الثالث المعنون "الرؤية الاستراتيجية للأمن الوطني في فكر صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان" يشـير الكتاب إلى أن الرؤية الاستراتيجية للأمن الوطني لدى صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة قد انطلقت من مزيج مركّب يضـم المهارات الشخصـية والخبرات العلمية والعملية التي اكتسبها سموه على مدار حياته، حفظه الله، مشـيراً إلى أنالقوات المسلحة تقع في قلب هذا المكون الفريد الذي يفسـر أولوية الأمن الوطني في الفكر السـياسـي لسموه، حيث يؤكد المؤلف أن القوات المسلحة الإماراتية تمثل مدرسة الوطنية الأولى، ومصنع الرجال الأقوياء، وفيها تتجسد قيم الانتماء للوطن والولاء للقيادة، وتتعزز معاني الفداء والتضحية بكل غالٍ ونفيس؛ من أجل الدفاع عن الوطن وصون أراضـيه والحفاظ على مكتسباته ورفع رايته عالية خفاقة في عنان السماء. كما أنها مدرسة لزرع القيم الإيجابية وتعزيز الاندماج الوطني بين أبناء الإمارات كافة، وإعداد القادة الأكفاء القادرين على اتخاذ القرارات الشجاعة في أصعب الأوقات والذين يمتلكون القدرة على حشد طاقات الوطن وتعبئة موارده لتحقيق أهدافه العليا.
ويتناول الفصل الرابع المعنون "ركائز فلسفة التنمية في فكر صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان" دور القيادة في التنميةوإدارة الموارد المتوافرة لدى الدولة بكفاءة وفاعلية، حيث يرى المؤلف أن عامل القيادة يمثل مدخلاً مهماً في تفسـير حركة التنمية والتطور في الدول والمجتمعات المختلفة، بالنظر إلى الدور الشخصـي المهم الذي تمارسه القيادة، ليس فقط في رسم سـياسات الخطط التنموية وأهدافها، وإنما أيضاً في التفاعل مع شعبها والتعرف على احتياجاته المختلفة، والاستجابة لها بشكل فاعل وسـريع. ويؤكد هذا الفصل أن صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان يمثل نموذجاً للقيادة الملهمة التي تمتلك فكراً تنموياً عصـرياً، وخبرة كبيرة في صنع السـياسات والقدرة على اتخاذ القرارات إزاء مختلف القضايا، وهي خبرات اكتسبها سموه من خلال المسؤوليات السـياسـية والتشـريعية والاقتصادية في إمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، عقب توليه العديد من المناصب المهمة على المستويين السـياسـي والعسكري، والتي استطاع من خلالها أن يظهر خبرته الكبيرة كرجل دولة وقائد سـياسـي محنك. ويشـير هذا الفصل كذلك إلى أن صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان قد استطاع من خلال المناصب العديدة التي تولاها في رئاسة العديد من المؤسسات والهيئات المعنية بالتخطيط الاقتصادي والاستراتيجي والتعليمي في إمارة أبوظبي أن يبلور رؤية شاملة للتنمية في دولة الإمارات العربية المتحدة تقوم على منظومة متكاملة الأبعاد ومتعددة المراحل.
ويتناول الفصل الخامس المعنون "صانع المستقبل"دور صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان، في صناعة المستقبل التنموي بدولة الإمارات العربية المتحدة، مشـيراً في هذا الصدد إلى إيمان سموه القوي بالعلم والتخطيط كأساسـين لازمين في أي عملية تنموية حقيقية وناجحة، وضـروريين لأي انتقال ناجح للمستقبل؛لمواكبة الحراك التقني العالمي والاستفادة من أدواته لتعزيز نموذج التنمية الإماراتي.ويؤكد هذا الفصل كذلك على أن رؤية صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان للمستقبل لا تنفصل عن رؤيته لموقع دولة الإمارات العربية المتحدة على خريطة الاقتصادات المتقدمة؛ من أجل الوصول إلى ما يسمى بـ"الدولة النموذج"، التي تعرف طريقها جيداً، وتسـير فيه بثقة وإصـرار على بلوغ أهدافها في التنمية الشاملة والمستدامة، وتوفير الفرص للجيل القادم وبناء قاعدة منتجة للمستقبل. وفي إطار توضـيح ملامح الرؤية المستقبلية لسموه، يشـير هذا الفصل إلى أن كلمة صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، في الجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة من أعمال القمة الحكومية 2015 بدبي تحت عنوان "قيادة الخدمات الحكومية"، تمثل منهاج عمل لمستقبل دولة الإمارات خلال الخمسـين عاماً المقبلة، وتعبر عن رؤية عميقة لمستقبل الإمارات، وأدوات تنفيذ هذه الرؤية.
ويركز الفصل السادس المعنون "صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان: القائد الإنسان" على البعد الإنساني العميق في شخصـية صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان، مشـيراً إلى أن المنظومة الأخلاقية التي تنطلق منها ممارسات سموه في العمل السـياسـي بشكل عام هي نتاج للقيم الإنسانية النبيلة التي زرعها زايد الخير – طيب الله ثراه – في نفوس أبنائه، وهو ما أكده صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان في مناسبات كثيرة، ويستعرض هذا الفصل بصمـات سموه الإنسانية على الصُّعد المحلية والإقليمية والدولية، ويتناول مواقف وتصـريحات كثيرة في هذا الإطار، مؤكداً أن لقب "فخر الإمارات" الذي ارتبط بسموه من لدن أبناء شعبه هو وصف مستحَق، حيث أصبح سموه نموذجاً للقائد الذي يجمع بين السمات القيادية والإنسانية العميقة والتواضع والهيبة والحب الشعبي الجارف.
وفي الفصل السابع والأخير المعنون "صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان: فخر العروبة" يتناول المؤلف مسـيرة ناصعة لصاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان في مساندة الأشقاء العرب، وصون الأمن القومي العربي، منذ اندلاع اضطرابات عام 2011 وسقوط بعض الأنظمة الحاكمة في دول عربية محورية، حيث تبلورت ذروة الأخطار والتحديات والتهديدات الاستراتيجية التي تواجه الأمن القومي العربي، ومن ثم الخليجي، وبرز صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، كقيادة عروبية قومية حازمة تمتلك رؤية استراتيجية واعية لإدارة الخطط والسـياساتوالجهود لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي؛إذ كان – ولا يزال – لمواقف سموه الحازمة في مواجهة المخاطر التي تتعرض لها الأمتان العربية والإسلامية، والتصدي لقوى الشـر والتطرف والإرهاب ودعاة الفتن والفوضى، دورها الحاسم في استعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة العربية بعد موجة الاضطرابات وعدم الاستقرار التي ضـربتها منذ مطلع العام 2011 في إطار ما سمي بـ "الربيع العربي". ويؤكد هذا الفصل أن صاحب السمو الشـيخ محمد بن زايد آل نهيان لا يتردد في اتخاذ القرار الحازم والحاسم حينما يتعلق الأمر بالأمن الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، أو بمصلحتها العليا، أو بالأمن القومي العربي بمفهومه الشامل، الذي يعد الأمن الوطني جزءاً لا يتجزأ منه، مشدداً على أن سموه قد أثبت خلال تطورات تلك الأحداث مقدرة بارعة على التخطيط والتنفيذ وإدارة الأزمات وإيجاد البدائل والحلول الاستراتيجية للتعامل معها ضمن منظومة دقيقة لإدارة المخاطر؛ ما جنّب دولة الإمارات العربية المتحدة وشعبها، وكذلك شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الأخرى، خطر التمزق والصـراع والفتن الطائفية التي تشعلها تنظيمات التطرف والإرهاب في مناطق جغرافية شتى من الإقليم والعالم على حد سواء.
وفي خاتمة الكتاب يوجز المؤلف النتائج الأساسـية والخلاصات المركزية لهذا الكتاب، وتتناول الخاتمة كذلك رؤية المؤلف وملاحظاته الذاتية التي يمكن الاسترشاد بها من جانب الباحثين المهتمين بدراسة الشأن الإماراتي.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا هو الكتاب الثاني للكاتب والباحث الإماراتي د. سالم الكتبي، الحاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية، وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية والندوات وورش العمل، كما صدر له العديد من الإصدارات والبحوث في مختلف المجالات، تناول بعضها القضية الفلسطينية والدور الإماراتي في دعم الفلسطينيين، وفلسفة المساعدات الإنسانية الإماراتية، والأمن الوطني الإماراتي والشؤون السياسية العربية والدولية. ونشر مئات المقالات التي تتناول التنظيمات المتطرفة وظاهرة الارهاب والسياسة الخارجية الاماراتية، والملف الايراني والعلاقات الدولية بشتى أبعادها وتأثيراتها الجيوسياسية، وغير ذلك من قضايا وموضوعات تندرج ضمن اهتماماته البحثية، التي تتميز بالعمق والتركيز على البعد التحليلي والاستراتيجي في القضايا والموضوعات.