التلاعب بالعقل البشري ليس بالأمر الجديد بل هو قديم فدم الانسان نفسه، فأبليس نفسه خدع آدم وحواء وتلاعب بأفكارهم ودلهما على الشجرة المحرمة وأقسم لهما انه لمن الناصحين وهي طريقة مستخدمة ومتكررة من الشعوزة الفكرية في وقتنا الحاضر حيث يختلف المشعوذون الفكريون في مظهرهم ولباسهم وتعليمهم عن الصورة النمطية التي غرسها الاعلام عن شكل المشعوذ صاحب الملابس الرثة والشكل المرعب رغم ان الطلاسم ستكون مستخدمة بشكل متكرر في احاديثهم بالاضافة الى الصفات والنعوت التي سيحملونها لإكمال شعوذتهم فهذا يحمل صفة خبير وهذا مختص وهذا عالم وهذا دكتور والكل يدعي انه يملك مفاتيح الحلول والسعادة وسيعرض مسرحيته الخداعية الاستراتيجية التطويرية وقبل ان تستوعب مايقول وهو ما لن يحصل ستتسمر أمامه معاتبا نفسك كيف ان عقلك قاصر عن فهم مايقوله من المفردات الكبيرة وفي لحظة مباغتة فكرية سيهوي على جمهوره بالمطالبة بتوفير المال والدعم له حتى يحقق لهم النجاح والتخلص من المشاكل التي يعانونها وتقديم ترياق الشفاء لكل المعضلات.
ما اكثر المشعوذين الذين يخادعون الناس ويبيعون بضاعتهم الزهيدة من الكلام المبهم والفارغ واذا وضعوا على المحك وطلب منهم فعليا تحقيق مايقولون فأنهم يرمون عصيهم الفارغة غير ذات الجدوى ليخيل لناس انها عبارة عن انتصارات ضخمة ونجاحات كبيرة وهي في الحقيقة لا شي بالمرة مجرد شعوذة فكرية جعلت عقلك يعتقد انهم عباقرة وهي مفردة خداعية نظنها إيجابية مع العلم ان عبقر هو اسم وادي للجن، فكيف نؤمن لجني فيما يدعيه. كثير منا يسلمون عقولهم للمشعوذين الجدد بدون ان يحكموا عقولهم بشكل صحيح ويشككوا في طرح من أمامهم لتنسل أيديهم لجيوبهم وتتدفق العطايا والهبات، ليستفيقوا بعد غيبوبة التخدير وعودة العقل ويكتشفوا بأن العصي هي عصي السحرة وان الساحر لا يفلح حيث أتى وان اقسم بالله بأنه من الناصحين وبأن عصى موسى مغيبة اما بقصد او بغير قصد.
تغييب العقل عند العامة واستخدام الخداع العقلي والفكري والنفسي وضحالة الثقافة والمعرفة لدى المخدوعين كلها عوامل جعلت المشعوذين تنتشر تجارتهم وتنضح بهم البيئة وتتكرر نسخهم حولنا وفي حياتنا باستمرار وفي كل يوم يولد مشعوذ ويولد بجانبه عدة زمرة مغفلين وتموت عقول وتوأد الحقيقة.