خلال لقاء سموه مؤخراً مع القيادات النسائية العاملة في القطاعين المدني والعسكري بمناسبة يوم المرأة الإماراتية، جاء حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ـ حفظه الله ـ معبراً عن قناعات راسخة لدى قيادتنا الرشيدة حيال دور المرأة الاماراتية، وما يرتبط بذلك من ركائز للتنمية الشاملة واستراتيجية النمو والتطور في دولة الامارات وأسسها ودعائمها.
من هذه الأسس والدعائم التعامل مع العنصر البشري باعتباره ثروة ورهان حقيقي لمستقبل الوطن، وهذا المبدأ يشكل محوراً مركزياً محركاً في عملية التنمية منذ تأسيس الدولة على يد الوالد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ حيث تنطلق خطط التنمية جميعها من الانسان وتستهدفه، فهو الهدف من أي جهد تخطيطي أو تنفيذي يبذل على هذه الأرض الطيبة. والقيمة النوعية الهائلة لهذا المبدأ تكمن في أن يختزل الكثير من الأفكار ويراكم الخبرات البشرية ويضع الانسان نصب عينيه في العملية التنموية، لذا يصبح من البديهي أن يكون التخطيط ثم التنفيذ والمتابعة والتقييم وغير ذلك من جهود توجه بدقة صوب الهدف الأغلى وهو: الانسان. وهذه الفلسفة التنموية المتجذرة آتت حصادها، حيث يستشعر المواطنون والمواطنات في الامارات حجم اهتمام القيادة الرشيدة بتوفير سبل السعادة والأمن والاستقرار المعيشي والاجتماعي والوظيفي لهم ولأسرهم.
انطوي حديث سموه أيضاً على شهادة ثقة في قدرة المرأة الاماراتية على تحدي الصعاب وبلوغ المكانة التي تستحق، حيث أكد سموه على أن المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة أخذت مكانها الطبيعي في مسيرة التنمية الوطنية بفضل الرؤية الثاقبة والنظرة البعيدة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ الذي مهد الطريق أمام المرأة لتشق طريقها بثقة، وتتخطى كل الصعاب والعقبات، لتبني الوطن مع شقيقها الرجل، منوهاً سموه إلى الدعم الذي تلقته المرأة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ــ من منطلق إيمانه العميق بدورها الحيوي في البناء والتنمية والرقي.
تضمنت كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أيضاً مؤشرات ودلائل على ثقة مطلقة في قدرات المرأة الاماراتية، ومقدرتها على تحمل المسؤولية والاضطلاع بها في مختلف قطاعات العمل والانتاج، حيث أكد سموه أن المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة أثبتت جدارتها وكفاءتها وتميزها ونجاحها في قيادة العديد من القطاعات الاجتماعية والتنموية والاقتصادية والسياسية.
ثمة رسالة مهمة وردت أيضاً في كلمات سموه، وهي رسالة تستحق تحليلاً معمقاً، فدور المرأة الاماراتية في التنمية لم يكن مكملاً ولا سداً للشواغر والاحتياجات من الموارد البشرية فقط كما يعتقد بعض المهتمين والمتخصصين، بل كان ـ ولا يزال ـ دوراً رئيسياً داعماً للعمل الوطني، حيث أضافت المرأة الاماراتية أبعاداً مهمة وأساسية في مسيرة التطور والازدهار، من خلال مشاركتها الفعلية والحقيقية في كافة قطاعات العمل كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
انطوى حديث سموه أيضاً على رسالة تقدير ودعم وتشجيع بالغة الأهمية للمرأة الاماراتية، بل هي في حقيقة الأمر وثيقة للتاريخ، حيث عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء المذكور عن فخره ببنات الإمارات وبإنجازاتهن وأعمالهن المشرفة في مسيرة بناء الوطن وبأمهات الشهداء النماذج الحية والمشرفة "اللاتي طبعن على ذاكرة هذه الأرض الطيبة قيم الإخلاص والوفاء والانتماء على وجه هذا الوطن، فهن رموز العطاء والتضحية والبذل".
مثل هذه اللقاءات وما يتخللها من أحاديث ونقاشات تعبر عن منظومة قيم راسخة في الوعي الجمعي الاماراتي، فثقافتنا المحلية هي ثقافة ذات خصوصية فريدة، فهي تمنح المرأة قدراً كبيراً من المكانة والمسؤولية، وتراهن عليها بشكل قوي في بناء مجتمعها وتماسكه. وقد لعبت هذه الثقافة الدور الأهم في تشكيل وجداننا جميعاً كمواطنين ومواطنات، ومن ثم بات الاحساس بمكانة المرأة وتقدير دورها وتوفير سبل النجاح والتميز لها بما يصب في مصلحة المجتمع.
من زار الامارات أو يعرف طبيعة شعبها، يدرك بسهولة أن المرأة الاماراتية هي بالفعل جزء محوري من منظومة العمل في هذا المجتمع، وأن ما وصلت إليه ليس سوى نتاج تطور طبيعي لمسيرتها التاريخية، التي حظيت برعاية ودعم لا محدود من لدن قيادات تاريخية ملهمة لا يمكن أغفال أدوارهم ولا بصماتهم في بلوغ مكانة المرأة الاماراتية، وفي مقدمة هذه القيادات تأتي سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الاعلى لمؤسسة التنمية الاسرية رئيسة المجلس الاعلى للأمومة والطفولة"أم الامارات"، فسموها رائدة حقيقية للعمل النسائي والأسري والاجتماعي ليس على الصعيد المحلي فقط، بل على الصعيدين الاقليمي والدولي.
إن لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع قيادات العمل النسائي بالدولة يمثل بحد ذاته احتفاء بالمرأة الاماراتية في يومها، ورسالة قوية وواضحة بأن القيادة الرشيدة تواصل دعمها للمرأة، وتنتظر وتترقب منها الكثير، فدولتنا تراهن على جهود أبنائهم جميعهم من دون تفرقة بين رجال ونساء، وساحات العمل الوطني في مختلف قطاعات العمل والانتاج تشهد بأن الامارات تجاوزت بمراحل أي افكار تقليدية بالية حول الجنسين، أو حول حدود عمل المرأة تحديداً، فمن يراهن على تنافسية القرن الحادي والعشرين عليه أن يواكب التحديات ويتجاوز العقبات، لاسيما الثقافية والمجتمعية منها، وتلك هي رسالة الامارات لأمتها العربية، التي تعاني صعاب جمة على الصعيد التنموي.