هناك على مدار العام 364 يوماً تقريباً تشملنا فيها، كمواطنين ومواطنات، دولة الامارات وطننا الغالي برعايتها وتقدم لنا أرقى الخدمات وتوفر لنا سبل الحياة والرفاه والسعادة كافة، ثم يأتي اليوم الخامس والستون بعد الثلاثمائة لتتوافر لنا جميعاً الفرصة لرد جزء ضئيل جداً من جميل هذا الوطن، وتتويجه بباقات الحب والولاء والانتماء، لذا فإنني اعتبر أن الثاني من ديسمبر هو يوم وفاء للوطن، فهو اليوم الوطني والمناسبة الغالية على قلوبنا، التي نستحضر فيه انطلاقة البناء والتأسيس ودولة الاتحاد على يد الآباء المؤسسين، وفي مقدمتهم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
عندما نويت تسجيل مشاعري بقلمي المتواضع في هذه المناسبة الوطنية الغالية، وبعد فترة تفكير، أدركت أنني قد لا أفلح في الوفاء بحق هذا الوطن الغالي والتعبير عن مشاعري نحو قيادتنا الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وإخوانهم حكام الامارات حفظهم الله جميعاً، لذا فقد ارتأيت أن يكون مقالي بمثابة رصد لبعض انجازات عام مضى، كي يكون الحديث أكثر تماساً مع الحقائق على الأرض، وكي يدرك القراء الأعزاء حجم التطور الذي تشهده التجربة التنموية الاماراتية، وما تسعى إليه من طموحات، تجعل من الاحتفال باليوم الوطني قيمة نوعية ومحطة يستحقها هذا الوطن الغالي وشعبنا الوفي على حد سواء.
على صعيد الانجازات المحققة في عام 2016، أشيد بشكل خاص بخطوات الاستثمار في البشر، باعتبارها ترجمة جادة لإيمان قيادتنا الرشيدة بأن الانسان هو الثروة الحقيقية في الامارات، وأن الاستثمار في الانسان هو أفضل استثمار ممكن، وخير عدة للمستقبل، وفي هذا الإطار جاءت مبادرات عدة شقت طريقها إلى التنفيذ في العام المنصرم، وهي مبادرات لا تقتصر على الخدمات الحكومية المتطوِّرة في المجالات الصحية والتعليمية والإسكانية والمرورية فقط، وإنما تمتد كذلك لتشمل تطوير سياسات التمكين للمواطنين وفتح آفاق الإبداع والابتكار أمامهم، حيث حيث أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في شهر أكتوبر 2016 "الأجندة الوطنيَّة للشباب"؛ وهي مبادرة فريدة من نوعها، وتعكس اهتماماً استثنائياً من جانب الدولة بهذه الشريحة العمرية المهمة بالنسبة للتنمية في وطننا الغالي، حيث تتضمن "الأجندة الوطنية للشباب" الكثير من الأفكار والأهداف التي تصب في خانة تأهيل الشباب وتمكينهم،وتنمية مهاراتهم وقدراتهم في مختلف المجالات، حيث تهدف المبادرة إلى إطلاق الكثير من المراكز التخصُّصية المعنية بالشباب مثل مركز الشباب للإبداع، ومركز الشباب للإعلام، ومركز الشباب للثقافة، وهي في مجملها خطوات تؤكد وعي القيادة الرشيدة بدور الشباب وحتمية الاستفادة من هذا الدور واستثماره، لاسيما أن شبابنا قد اثبت أن لديه حس ووعي وطني قوي ومتجذر، وأنه يستشعر حجم التحديات التي تواجه دولتنا ويقف داعماً قوياً للقيادة الرشيدة، ويعبر في كل مناسبة وطنية عن ولائه الشديد لها والتفافه حولها بعزم وإصرار.
شهد هذا العام أيضاً انجازات متميزة على صعيد التخطيط الاستراتيجي، حيث تشكلت حكومة المستقبل برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بموجب المرسوم الاتحادي رقم ( 28 ) لسنة 2016م حيث تم استحداث وزارتي التسامح والسعادة، في بادرة ريادية عالمياً تهدف إلى "مأسسة" الجهود الرسمية الرامية إلى توفير أعلى مستويات الرعاية الاجتماعية للفئات المستحقة وأفضل الخدمات الصحية والتعليمية وتطوير البنية التحتية الأساسية، كما تهدف إلى "مأسسة" ثقافة التسامح وتحويلها إلى إطار عمل رسمي ناظم لجهود الدولة في المجالات والقطاعات كافة، وهو هدف رائع سيؤتي ثماره في المستقبل المنظور، وسيسهم في تعميق جذور هذه الثقافة في مجتمعنا، ويحفز المجتمعات الأخرى على الاقتداء بالامارات، ويعمل على إشاعة هذه الثقافة في البيئة المحيطة إقليمياً ودولياً.
وحسناً جاء ختام عام من عمر هذا الوطن بتدشين النصب التذكاري للشهداء في مدينة أبوظبي، بالتزامن مع الاحتفال بيوم الشهيد، بناء على مبادرة كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في خير تخليد لذكرى شهداء الوطن الأبرار ، وكي تظل تضحياتهم ماثلة في عقول وقلوب أبناء الوطن، وفي خطوة ترمز إلى صفحات مجيدة من تاريخ وطننا الغالي، كتبها شهداء الوطن من مختلف إمارات الدولة.
وطن الانجازات الذي لا يرضى سوى بالمرتبة الأولى بديلاً، هو وطن يليق بطموحات القيادة الرشيدة والمواطنين، الذين يثبتون في كل مناسبة عمق ولائهم وانتمائهم لهذه الأرض الطيبة، فالشهداء الأبرار الذي جادوا بدمائهم وأورواحهم فداء للامارات في ساحات الحق والواجب والفخر والمجد، هم خير برهان على الامارات في قلوب ابنائها بل تسرى منهم الدم، فهي الوطن والأرض والبيت، وهي السقف الذي يحمينا والعلم الذي نستظل وبه ونفخر بالدفاع عنه وحمله شارة على الصدور.
في يوم الوطن، يوم الوفاء والولاء ...كل عام ودولتنا الغالية وقيادتنا الرشيدة بخير، وكل عام وشعب الامارات في تقدم وازدهار وحب ووئام، وكل عام والبيت متوحد والقلوب متآلفة على حب هذه الأرض الطيبة.