ربما تبدو مشاعرنا، كمواطنين إماراتيين، تجاه علم بلادنا مختلفة عن أي مشاعر وطنية أخرى في العالم، والاختلاف هنا ليس الاختلاف الطبيعي الذي يميز الجنسيات وأعلام الدول، ولكنه اختلاف يتعلق بطبيعة الارتباط العضوي بين مواطني الامارات وعلم بلادهم.
أدرك أن مواطني كل بلد يحتفون ويتعلقون بعلم بلادهم أو هكذا يفترض أن تكون هذه العلاقة، ولكننا في الإمارات نمتلك شعوراً وطنيا استثنائيا زاء العلم الوطني، فهو يمثل رمزاُ لكل ما نحظى به من رعاية واهتمام من جانب قيادتنا الرشيدة ودولتنا الغالية، وهو رمز لكل نجاح إنجاز يتحقق على أرض هذا الوطن مستهدفاً خير شعبنا وأجيالنا المقبلة، لذا فالعلم الإماراتي يحتفظ بمكانة عميقة في قلوبنا، ونزهو به في كل مناسبة وطنية، ونعتبره جزء من كياننا الوجودي في هذه الحياة.
يحتفل شعب دولة الامارات العربية المتحدة في الثالث من نوفمبر من كل عام بـ "يوم العلم"، وهي مناسبة وطنية استثنائية تتجلى فيها قيم الولاء والانتماء والاحساس العميق بقيمة الوطن ورايته، فيوم العلم هو يوم الوطن، هو يوم العزة والإباء والفخر الوطني، الذي يعكسه هذا العلم، الذي نعمل جميعاً على الزود عنه في ميادين العز وساحات البطولة والحق والواجب والفخر الوطني.
إن علم الامارات هو علم المبادئ والحق والدفاع عن المظلومين ونصرتهم، ولا يتجلى سوى في مواقف الشرف والكرامة والمبادئ الإنسانية، فهو الراية التي رفرفت من قبل في ساحات العمل الإنساني في مشارق الأرض ومغاربها، في الصومال وكوسوفا وأفغانستان وجنوب لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومخيمات اللاجئين في الأردن وتركيا وهاييتي وعلى الحدود بين بنجلاديش وميانمار دعماً للروهينجا وغوثاً لهؤلاء المسلمين الذين ضاقت بهم الأرض بما رحبت جراء ممارسات الاضطهاد والابادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يمارس بحقهم من جانب سلطات ميانمار.
هذا العلم الذي حمله بشرف وعزة شهداؤنا الأبرار دفاعاً عن المظلومين في اليمن وساحات العمل الإنساني في أفغانستان، حيث دفع هؤلاء الأبطال الخالدون في جنات النعيم بإذن الله، دمائهم وأغلى ما يمتلكون، حياتهم، دفاعاً عن راية بلادهم في مواقف مشرفة ستظل خالدة في ذاكرة الوطن وأبنائه طيلة السنوات والعقود المقبلة.
ولقد مثلت مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التي أطلقها في عام 2013، بشأن اعتبار الثالث من نوفمبر من كل عام مناسبة للاحتفال بيوم العلم، والذي يصادف ذكرى تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، رئاسة الدولة، فرصة وطنية ثمينة لتعزيز الوشائج التي تربط الأجيال الجديدة بتراب هذا الوطن، الذي يقدم للجميع الخير والعطاء.
يوم العلم هو يوم رمزي لتوحيد نبض القلوب بحيث تعزف سيمفونية وأنشودة وطنية واحدة في حب الإمارات، وليقف الجميع في وقت واحد وعلى قلب واحد لرفع علم دولة الاتحاد في عنان السماء، لنحتفل بعرس الوطن، ولتبدأ في هذا اليوم احتفالاتنا باليوم الوطني الذي يأتي بعد نحو شهر من هذه الاحتفالات، في شهر الاحتفالات، الذي نحتفي فيه بيوم العلم ويوم الشهيد ثم يومنا الوطني الغالي.
يوم العلم هو يوم التلاحم الوطني، هو يوم حب الوطن، ففيه تواصلت مسيرة الخير والبناء حينما تولى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، مقاليد الحكم، ليكون خير خلف لخير سلف، المغفور له القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
يوم العلم ليس يوماً وطنياً خاصاً بأبناء الامارات، فنجد في هذا اليوم كل من يعيش على هذا الأرض الطيبة يحتفي قبلنا بيوم العلم، إيماناً وإدراكاً وقناعة من الجميع بأن أرض الإمارات تتسع لكل أهل الإمارات، أرض التسامح والتعايش تتسع لكل من جاء ساعياً للمشاركة في مسيرة الخير والحضارة على أرض وطن الحضارة والمستقبل.
علم الإمارات هو رمز عشق الامارات التي تسكن القلوب والعقول والافئدة، عاش علم بلادي. شامخاً عالياً، وعاشت الإمارات شامخة مرفوعة الرأس قوية الإرادة بعزم وإرادة قيادتها الرشيدة وأبنائها المخلصين.