في غضون أسبوع واحد استضافت دولة الامارات العربية المتحدة، بكل الود والترحاب والأخوة الصادقة، العديد من القادة والزعماء العرب، حيث زارها كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، فضلاً عن زيارة خاصة قام بها للدولة العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة،
وصف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني العلاقات التي تجمع الامارات بالمملكة الأردنية بأنها "تاريخية وأخوية راسخة وعميقة". وقال "سعدت بلقاء أخي الشيخ محمد بن زايد الذي لا تنقطع جهوده المباركة لرفعة شعبه ووطنه، حتى أصبحت الإمارات مثالا يحتذى به عالميا"، وأضاف: "الشيخ محمد أخ لي ولكل أردني، وقائد عربي نعتز به".
بعيداً عن التوقعات والتكهنات حول أهداف الزيارة وما اشتملته أجندة النقاشات بين القيادة الإماراتية والقادة العرب الزائرين، فقد تنوعت أجندة الزيارات وتعددت القضايا المطروحة خلال الحوارات والنقاشات وهذا أمر بديهي رغم وجود مشتركات بين مجمل هذه اللقاءات، ولكنها اتفقت جميعهاً على نقطة تحليلية واحدة وهي أن هذه التحركات تعكس موقع الامارات في خارطة العمل السياسي العربي المشترك خلال المرحلة الراهنة.
من واقع قراءة المشهد الإقليمي الراهن بموضوعية، فإن العلاقات الإماراتية مع الدول العربية كافة تلقي على عاتق القيادة الرشيدة مسؤولية كبيرة في تجاوز أي عقبات تحول دون الحفاظ على الأمن القومي العربي، والتصدي للتحديات والتهديدات الاستراتيجية القائمة وفي مقدمتها أذيال إيران ووكلائها في المنطقة، سواء في اليمن أو غيره من الدول العربية التي تعاني جراء التدخلات الإيرانية المباشرة وغير المباشرة، فضلاً عن حشد الطاقات السياسية والدبلوماسية العربية من أجل التعامل مع ملف القدس والصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، الذي يمر بمرحلة مفصلية تتطلب مقاربة عربية جماعية للتوصل إلى بدائل وحلول تحافظ على مكانة القدس ومكانتها وتضمن الحق الفلسطيني.
تاريخياً، كانت الامارات في عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مصدر الحكمة ورشادة القرار السياسي في المنطقة العربية، حيث احتفظت دائماً بالمصالح العربية الجماعية كأولوية قصوى لأي تحرك دبلوماسي إماراتي، وكان للقائد المؤسس للدولة رؤية استشرافية بعيدة المدى تستهدف صون وحماية المصالح الاستراتيجية العربية، وقد مضى على هذا النهج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ حيث كان للإمارات الصوت الأعلى والموقف الأقوى في دعم الشقيقة مصر من أجل عبور مرحلة الاضطراب التي مرت بها منذ عام 2011، وما تلا ذلك من هيمنة تنظيم الاخوان المسلمين الإرهابي على الحكم في مصر بكل ما لها من تأثير استراتيجي مهيمن في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية.
عندما يتأزم المشهد العربي، يعلو دائماً صوت الامارات ومبادئها القائمة على أن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، وأن أمن الإمارات جزء أساسي من منظومة الأمن القومي العربي، وهذا المبدأ يفسر مواقف الامارات وسياساتها الداعمة للأمن والاستقرار في الدول العربية والتصدي للتدخلات الأجنبية الهادفة إلى التوسع وتنفيذ مؤامرات تستهدف هذه الدول وشعوبها.
إحدى أهم سمات السياسة الخارجية الإماراتية في الدائرة العربية أن الإمارات تسعى إلى بناء المشتركات وتجاوز أي خلافات أو تباينات سواء بين الدول العربية وبعضها البعض، أو بينها وبين هذه الدول، وإعلاء مصالح الشعوب العربية واعتبارات الأمن والاستقرار والتحديات التي تواجه هذه الدول معاً، وبالتالي يجد القادة والزعماء العرب كل الترحاب والتقدير خلال زياراتهم للإمارات، حيث يشعرون بأن القيادة الرشيدة تسخر كل جهودها من أجل عمل جماعي عربي يحفظ للإنسان العربي أمنه ويصون مستقبل الأجيال المقبلة ويجنبها ويلات الحروب والصراعات وماتسفر عنه من مآس وتشرد ونزوج ومعاناة إنسانية.