قرأت كثيراً من الكتب والدراسات عن إنجازات وعبقرية القيادة لدى باني نهضة دولة الامارات العربية المتحدة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ولكن أكثر ما اعجبني وتمنيت ان أكون مشاركاً فيه كتاب "زايد : رجل بنى امة" للمؤلف غريم ويسلون، الصادر عام 2013 عن "الأرشيف الوطني" أو "المركز الوطني للوثائق والبحوث" سابقاً، واعتقد أن هذا الكتاب أكثر ملامسة واقتراباً من مسيرة القائد المؤسس من أي كتاب أو دراسة علمية أخرى.
في تقديم هذا الكتاب، يقول سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة إن "عظمة الرجال تقاس بما قدموا لأمتهم وللانسانية من جلائل الأعمال وفضائل الآثار وماتركوا من إنجازات تزدهر بها البلاد ويسعد في ظلها العباد في أجواء من الأمن والأمان والطمأنينة والسلام يأمن فيه الفرد على نفسه وأهله ويسعى إلى تأدية دوره في بناء وطنه وتقدم شعبه والتواصل مع بقية شعوب العالم وأوطانه".
جوانب عظمة القيادة وتفردها لدى الشيخ زايد ، طيب الله ثراه، غزيرة ويصعب حصرها ولا تزال الكثير من جوانب هذه الشخصية التاريخية المتفردة بحاجة إلى مزيد من الكتب والدراسات لسبر اغوارها واستكشاف جوانب عظمتها القيادية والإنسانية.
كان الشيخ زايد، طيب الله ثراه، قائداً استثنائياً بكل المقاييس والمعايير، وكان لشخصيته جوانب تفردها في الأبعاد والرؤى الإنسانية والسياسية والاجتماعية، ولا يزال هناك كم هائل من التساؤلات بحاجة إلى الرد ليتوافر مزيد من الفهم والإدراك لدى الباحثين حول شخصيته الملهمة ومقوماتها ومنطلقاتها في التعامل مع العالم انطلاقاً من البيئة المحلية في واحة العين.
لم يكن أحد يستطيع التنبؤ عام 1968، حين انطلقت أولى خطوات القائد المؤسس لبناء الدولة، بما نراه الآن من نجاحات وانجازات، وبما تحقق من تجربة باتت مصدر الهام لكل دول العالم، فحين بدأ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان خطوات بناء الدولة حلمه الكبير، لم يكن أحد يعتقد أن هذه الخطوات هي بداية مولد دولة تضارع أكثر الدول تقدماً وتطوراً في العالم، وأن التجربة الاتحادية الوليدة ستغير وجه التاريخ بالمنطقة.
كان من الغريب أن يجمع القائد المؤسس عوامل النجاح والتفرد والريادة التنموية منذ بدايات هذه التجربة، حيث التقى الاهتمام بالتعليم والخدمات الصحية والبنية التحتية وتمكين المرأة والشباب والمشاركة السياسية في العمل الوطني والبيئة والزراعة والصناعة والتجارة والاقتصاد، وكان الإدراك بأن العلم والعمل رافدان متلازمان لبناء الأمة وتقدمها وتحقيق الطموحات مبكراً، لذا نجد أن التأكيد على قيمة الانسان ومكانته باعتباره الثروة الحقيقية لدولة الامارات، يتكرر في جميع المواقف والمناسبات الوطنية، ما يعكس أحد مفاتيح وأسرار هذه التجربة الرائدة.
كان، طيب الله ثراه، أول رائد عالمي للدفاع عن البيئة سابقاً زمانه وعصره بمراحل، وفي ذروة اهتمام العالم والدول المتقدمة وقتذاك بالصراعات العسكرية والتنافس صناعاتها وما انتجته من تطور وتقدم وأيضاً ضرر بالغ بالبيئة.
تصوري أن مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ بتخصيص عام 2018 ليكون عام زايد في دولة الامارات توفر فرصة مثالية للباحثين والأكاديميين لإثراء المكتبة الإماراتية والعربية بمزيد من الكتب والدراسات حول القائد المؤسس، وتخصيص دراسات منهجية وعلمية معمقة لكل جانب من الشخصية على حدة، لأننا أمام شخصية تاريخية نادرة استطاعت بناء أمة انطلاقاً من روزنامة قيم ومبادئ إنسانية وحضارية تمزج بين ديننا الإسلامي وعادات وتقاليد وقيم البيئة المحلية العربية الخالصة
عام زايد، هو عام الوفاء والعرفان لمؤسس دولتنا وباني نهضتنا المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي حرص على بناء جسور التواصل والتفاهم والتعايش ونشر قيم ومبادئ السلام والتسامح والانفتاح والخير والعطاء، التي تمثل في مجملها منظومة قيم إنسانية وحضارية نبيلة يحتاجها العالم بشدة في ظروفه الراهنة لتحقيق الأمن والاستقرار وتكريس ثقافة الحوار والتواصل والتقارب بين الحضارات والبشر جميعاً، ولاشك أن مبادئ القائد المؤسس، طيب الله ثراه، تمثل الأساس المعنوي القوى المتين الذي نرتكز عليه جميعاً في بناء وحدتنا وتحصين وطننا ضد كل حاقد او متآمر.