لأن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية قد أسس دوره في اليمن الشقيق على دعائم مشروعة استنادا إلى القانون الدولي وطلب الحكومة الشرعية في البلاد، فضلا عن استغاثات الشعب اليمني الشقيق بأشقائه في دول التحالف العربي، الذين تربطه بهم علاقات تاريخية وأواصر أخوة لا يمكن معها التخلي عن الأشقاء، ولأن البعض يصر على المغالطة ومواصلة التشكيك في نوايا دول التحالف العربي، وأنها تضمر الشر للأشقاء في اليمن وتسعى لتنفيذ مخططات وأجندات، وغير ذلك من أقاويل وتحليلات قائمة على
سوء المقصد والغرض والرغبة في تشويه سمعة دول التحالف والإساءة إليها بأي شكل من الأشكال؛ فإن تطور مواقف التحالف العربي في الأزمة اليمنية لا يزال يحير المغرضين ومن أصيبوا بعمى الحقائق، فتمترسوا وراء أغراضهم، ولم يسعفهم تطور الأحداث في إقناع الجمهور بمزاعمهم التي باتت مكشوفة ومفضوحة للجميع.
عندما يقول معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات إن اتفاق السلام الأخير في اليمن يمكن أن يكون نقطة إطلاق لحل شامل في الأزمة اليمنية، وإنه يمكن البناء على الزخم السياسي الإيجابي الذي أنتجه الاتفاق للوصول إلى تسوية شاملة، فإن هذا يعني تكثيف الجهود سعيا لحل سياسي.
والحقيقة أن سعي التحالف العربي نحو الحل السياسي في اليمن ليس طارئا ولا عابرا بالنسبة لدول التحالف، فالمملكة العربية والسعودية ودولة الإمارات تؤكدان دائما أن تسوية الأزمة سياسيا هي بوابة تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، والجميع يعرف أن الحوثيين ظلوا يعرقلون التوصل إلى هذه التسوية طيلة السنوات الماضية بدعاوى وذرائع مختلفة، ولكن الثابت أنه لا يمكن لدول التحالف العربي تجاهل أي فرصة لتحقيق استقرار الشعب اليمني الشقيق لأن الأزمة لا بد لها من نهاية، وأن أي صراع عسكري سيفضي حتما للجلوس على طاولة التفاوض مهما طال الزمن، ولكن المعضلة ظلت في رغبة الحوثيين تحسين شروط التفاوض وتعزيز مواقعهم والسعي لاستكمال مخططهم بمحاولة إحكام قبضة السيطرة على جميع المحافظات اليمنية، وهذه مسألة ظلت عصية على التيار الحوثي الانقلابي، ومن ثم فقد تواصلت الأزمة التي تتحمل فيها دول التحالف العربي قدرا كبيرا من التضحيات البشرية والمادية والعسكرية.
والحقيقة أيضا أن من يقول بأن التحالف العربي قد تسبب في أي نوع من الإشكالات للشعب اليمني، فإنه لا يدرك الحقائق على أرض الواقع، ولا يقرأ خريطة التحركات الجيواستراتيجية الإقليمية جيدا، وعلى من يقول بذلك أن يتخيل فقط ماذا كان يمكن أن يحدث لو وقفت دول التحالف العربي مكتوفة الأيدي أمام تغول الحوثي وإحكام ملالي إيران قبضتهم على اليمن؟
ألا نتصور للحظة حال اليمن وهو يقع فريسة الهيمنة الإيرانية الواضحة كما هو الحال في دول عربية أخرى تعاني جراء التدخل الإيراني المباشر وتحويل هذه الدول إلى ساحة صراع بالوكالة مع قوى عالمية؟ ثم ألا نتصور مشهد الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني وهو يتجول في مدن اليمن في حال اكتملت السيطرة الحوثية قبل التدخل العسكري الحازم لدول التحالف العربي؟ هذا المشهد كان واردا بدرجة كبيرة لأن الملالي لا يستنكفون عن المجاهرة بنفوذهم وهيمنتهم على العواصم العربية، بل يتفاخرون بذلك!
الواقع الآن أن الاتفاق الأخير في اليمن قد أثبت حرص التحالف العربي على لم الشمل اليمني وتوحيد الصفوف من أجل الإسراع بتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، فمثل هذه الاتفاقات تعد مؤشرا على إمكانية الجمع بين مختلف أطراف الأزمات، بغض النظر عن عمق الخلاف، لو أن الجميع تخلى عن الأطماع الذاتية وعمل على إعلاء مصالح الشعب اليمني واستوعب دروس تجربة الدول العربية التي خضع وكلاء إيران فيها لإملاءات الملالي ونفذوا ما يريدون، فما كان من نتائج سوى هذه الأوضاع الصعبة لدول تمتلك من الإمكانات والموارد ومقومات التنمية ما يفوق اليمن بمراحل كثيرة.