تؤمن دولة الامارات منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971 على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بأن قوة البشر في وحدتهم، وبأن الجد والاجتهاد والإخلاص في العمل يمكن أن يحول التحديات إلى فرص، كما تدرك الآن أن عليها بعد ماحققته من نجاحات وانجازات تنموية، أن تقود قاطرة المستقبل وتضطلع بصناعة الأمل في منطقتنا العربية، التي اقترنت أخبارها في العقد الأخير بأخبار الصراعات والأزمات والعنف والإرهاب.
ولاشك أن صناعة الأمل هي صناعة المستقبل، والعمل من أجل شحذ طاقات نحو ثلث الشعوب العربية، الذين ينتمون إلى فئة الشباب، وهي الشريحة العمرية التي خاطبها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في رسالته التي وجهها مؤخراً للشباب العربي، حيث قال مخاطباً إياهم "نحن أمة عربية خالدة.. نحن أمة لسانها وقرآنها باق ما بقيت الدنيا.. نحن أمة أملها يتجدد.. شبابها يتجدد.. روحها تتجدد.. قدرها أن تبقى ما بقيت الأرض. نحن لا نيأس لأن اليأس كفر.. اليأس عكس الحياة.. ونحن أمة كتبت لها الحياة".
دولة الامارات تمتلك نموذجاً متفرداً في التنمية والبناء وفي تمكين الشباب وجميع فئات المجتمع، لذا فهي تسعى جاهدة إلى تعزيز دورها وتعاونها مع الدول العربية من أجل الاستفادة من طاقات الشباب في بناء القدرات الوطنية والاستثمار في المستقبل.
القيادة في دولة الامارات لا تكتفي بمخاطبة الشباب العربي وبث الأمل في النفوس، بل تبذل جهوداً عملية تترجم فلسفتها في بناء الانسان العربي، حيث أطلقت في سبيل ذلك العديد من المبادرات منذ عام 2015؛ ومن ذلك مبادرة "تحدي القراءة العربي" لتشجيع القراءة كرافد أساسي للمعرفة والسعي لرأب فجوة المعرفة والتقدم التكنولوجي التي تفصل عالمنا العربي عن الدول المتقدمة.
هناك أيضاً "صنّاع الأمل" وهي مبادرة إنسانية نبيلة تستهدف الاحتفاء بصناع الخير وتشجيع النماذح والقدوات الملهمة في مجال العطاء، ومبادرة "مليون مبرمج عربي"، كأكبر مشروع برمجة بهدف تدريب مليون شاب عربي على البرمجة وتقنياتها ومواكبة التطور المتسارع، وتمكين الشباب العربي وتسليحهم بأدوات المستقبل التكنولوجية. كذلك بناء قدراتهم وتوفير فرص عمل تمكنهم من استغلال مهاراتهم وتوجيهها بما يخدم الاحتياجات المستقبلية والمساهمة في تطوير الاقتصاد الرقمي الذي سيشكل اقتصاد المستقبل.
صناعة الأمل في المنطقة العربية هي صناعة استراتيجية لمستقبل المنطقة والعالم، والمسألة هنا ليس فيها أي نوع من المبالغة لأن الدول العربية التي يمثل سكانها نحو 5% من تعداد سكان العالم، تمثل ساحة كبيرة للارهاب والعنف، سواء على مستوى التنفيذ، أو على صعيد تفريخ أجيال جديدة من الإرهابيين، ناهيك عن إشكاليات اللجوء والنزوح وغير ذلك من ظواهر اجتماعية مقلقة تمثل تجلياً لما يدور في دول عربية عدة من عنف وصراع داخلي وأزمات تختلف أسبابها وعوامل اندلاعها، ولكنها تتفق جميعاً في أنها تمثل مؤشرات سلبية للمستقبل.
التقارير الدورية السنوية التي تصدرها الهيئات الأممية المتخصصة تعكس بوضوح خطر السكوت على حالة اليأس في نفوس الشباب العربي، لأن الشباب وهم قوة البناء والاعمار وقاطرة التنمية يتحولون إلى وقود للعنف والإرهاب وصيد سهل للتنظيمات المتطرفة التي تدغدغ مشاعرهم وعواطفهم بشعارات خادعة وتوظفهم في تنفيذ المؤامرات ونشر الفوضى والعنف في دول عدة ومناطق جغرافية شاسعة، ومن هذا المنظور يمكن فهم أهمية رسالة الأمل التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وكذا جهود سموه ومبادراته من أجل انقاذ ملايين الشباب العربي من براثن اليأس والإحباط وتشجيعهم على العمل وبذل الجهد وعدم التخلي عن أحلامهم في مستقبل تنموي أفضل.