منذ سنوات مضت، نشرت كتاباً حول دور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لإدراكي منذ سنوات طويلة مضت حجم ومكانة وتأثير سموه في الحفاظ على ما تبقى من منظومة الأمن القومي العربي، والتصدي للتهديدات التي نال بعضها من دول عربية عريقة، وكاد بعضها الآخر أن يوسع دائرة نشر الفوضى والدمار والاضطرابات في منطقتنا العربية، بما رسم آفاق كئيبة للمستقبل العربي في لحظات تاريخية معينة، ولاسيما منذ عام 2011.
نجح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في ترجمة رؤية القيادة الرشيدة لدولة الامارات وبناء حائط صد متين ضد تيار الفوضى والاضطرابات والتدخل الأجنبي في شؤون بعض الدول في المنطقة العربية بتأسيس تحالف قوي مع دول عربية شقيقة في مقدمتها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، كما نجح سموه في تجسيد نهج القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تعزيز الجهود من أجل استعادة وحدة الصف العربي ولملمة شتات ماتبقى من دول عربية تعرضت لتهديدات وتحديات هي الأصعب والأخطر في تاريخها.
اللافت أنه في ظل انشغال دولة الامارات وقيادتها الرشيدة بالدفاع عن أسس ومداميك الأمن القومي الخليجي والعربي، واصلت الدولة في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وأخيهما صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مراكمة النجاحات التنموية حتى ارتقت الامارات إلى الفضاء ونجحت في إرسال أول رائد فضاء خليجي وعربي إلى المحطة الدولية في عام 2019، كما باتت الدولة تنافس على المراتب الأولى في جميع مؤشرات التنافسية التنموية عالمياً، وأصبح العيش فيها حلماً لملايين الشباب من حول العالم، وليس من دولنا العربية فقط.
في ضوء ما سبق وغيره من أدوار وانجازات حققها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ليس مستغرباً أبداً أن تشن بعض الدوائر والأطراف الإقليمية ضده حملة مغرضة تستهدف تشويه النموذج والنيل مما تتحق من إنجازات لأن انتشار مقومات النموذج الاماراتي بما يشتمل عليه من قيم ومبادئ وأسس معنوية ومادية يمثل خطراً على أصحاب الأجندات الهادفة إلى نشر الفتن والتطرف والتخلف والإرهاب في منطقتنا.
كيف لمن يريد نشر الفكر الإرهابي المتطرف أن يقبل بانتشار نموذج تنموي ناجح قائم على التسامح والتعايش وقبول الآخر والانفتاح عليه والاستفادة من كل الموارد والطاقات البشرية والمادية في بناء الدول وتطورها وتحضرها، وصولاً إلى إسعاد الانسان وضمان الازدهار والتقدم الاقتصادي؟!
لا خلاف على أن طيور الظلام تكره حملة المشاعل وأصحاب الأدوار الإيجابية الذين يقدمون نموذجاً مغايراً لفكرهم الظلامي القائم على العنف والتطرف وسفك الدماء وانتهاك الحرمات والأعراض، لذا من الطبيعي أن يواجه أصحاب المشروعات الحضارية النبيلة حملات شعواء تضعهم في دائرة الاستهداف وتسعى للنيل منهم وعرقلة تقدمهم الإنساني من خلال دعايات كاذبة ومضللة موجهة للبسطاء وأنصاف المتعلمين الذين يمثلون هدفاً سهلاً للتنظيمات المتطرفة والارهابية وبيئة خصبة لتقبل أي شائعات مغرضة أو أقاويل كاذبة.
هناك في وسائل الدعاية ما يعرف بخطط الاغتيال المعنوي للرموز والقادة من جانب خصومهم، ولاشك أن أشرس درجات الخصومة هي تلك التي ينازع فيها القادة الوطنيين تنظيمات وجماعات ودول تحالفت على الاضرار بالشعوب واختطاف ثروات الدول ونهب مقدراتها ونشر الفتن والفوضى والاضطرابات من أجل تهيئة البيئة الخصبة للإرهاب والعنف والتطرف، ومن هنا فإن الهدف الرئيسي لذلك هو النهج والرسالة التي يتبناها هؤلاء القادة المصلحين، حيث يرغب الحاقدون والمغرضون والمتآمرون في النيل من نموذج الامارات التنموي بما يمثله من قيم ومبادئ، وبما ينطوي عليه من دروس وعبر وخلاصات تضرب المثل والقدوة للجميع في كيفية توظيف الموارد وبناء قدرات الشعوب من أجل خوض غمار التنافسية العالمية، وليس أدل على ذلك من أن الحملة الممنهجة التي تستهدف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد جاءت عقب فترة وجيزة من انتشار التقدير الشعبي الاماراتي والخليجي والعربي الواسع لمواقف سموه الإنسانية على وجه التحديد، حيث تابع الجميع عبر "السوشيال ميديا" زيارة سموه لمنزل طفلة استشعر أنها تأثرت نفسياً بسبب عدم تمكنها من مصافحة سموه أثناء مراسم استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته مؤخراً إلى أبوظبي، وكيف أن هذه الزيارة قد عكست مدى ما تتمتع به القيادة الإماراتية من جوانب إنسانية تجعلها مثار احترام وتقدير عالميين.
وتأكيداً على أن الهدف من الحملة الحاقدة هو نموذج الامارات بكل ما يمثله من نجاحات وانجازات تنموية وإلهام للآخرين وفضح للفاشلين المتكاسلين، فإن الحملة ضد سموه قد تواكبت مع حملة مشبوهة على المواقع الالكترونية لمقاطعة المنتجات والسلع المنتجة في دولة الامارات لأسباب مثيرة للسخرية والشفقة ممن يقفون وراء مثل هذه الأفعال الصبيانية التي لن يفلح أثرها في طمس الشمس في وضح النهار.
يبقى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان فخراً لشعبه وللعرب وقيادة عروبية شامخة، بما يحمله سموه من قيم ومبادئ إنسانية وحضارية نبيلة غرسها فينا جميعاً القائد المؤسس، وبما يسعى من أجل تحقيقه دعماً لفرص ملايين الشباب العربي في العيش بدول آمنة مستقرة واقتصادات مزدهرة ومناخ قائم على التسامح والتعايش وقبول الآخر، وتبقى الامارات قِبلة الحالمين بغد أفضل ونموذجاً هو الأمثل في بناء الدول المتحضرة.