لا يختلف اثنان من المراقبين على أن الامارات ـ قيادة وشعباً ـ تقف منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في مقدمة الداعمين للقضية والشعب الفلسطيني، وهذا الأمر لم يطرأ عليه أي تغير أو تحول يذكر سوى في خيال المتاجرين بالقضية والمزايدين على عروبة الامارات ومواقفها الثابتة الراسخة.
ورداً على كل المزايدين والساعين إلى خلط الأوراق في الآونة الأخيرة، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إن الإمارات ملتزمة بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وقال سموه مخاطباً الجالية الفلسطينية التي تقيم بالامارات في خطاب قرأه سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي إن "السلام خيار استراتيجى لكن ليس على حساب القضية الفلسطينية"، وتابع في كلمته، أن الإمارات هي بلدهم الثاني، مشدداً على تمسّك بلاده بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
كان مهماً للغاية هذا التأكيد على الثوابت الراسخة التي لا يمكن للامارات وقيادتها وشعبها التفريط فيها، باعتبار ذلك تفريط في المبادىء التي تأسست عليها الدولة، وفي مقدمتها دعم القضايا العادلة، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني الشقيق، وكان مهماً كذلك أن يستمع الجميع إلى خطاب ورؤية القيادة الاماراتية من أجل إسكات المزايدين والمتاجرين بالقضية الذين يتهمون الامارات بما ليس فيها، ويحاولون استدراجها إلى حروب كلامية وصراعات وهمية تصرف أنظارها عن المستقبل ورهاناته التنموية التي تمثل المحرك الرئيسي لكل سياسات الامارات وخططها الاستراتيجية.
ولاشك أن خطاب سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان الموجه للجالية الفلسطينية في الكلمة التي ألقاها عبر تقنية الاتصال المرئي تؤكد وعي القيادة الاماراتية بخطواتها الاستراتيجية الحالية والمستقبلية وأهمية التواصل المباشر مع الشعوب من أجل تفويت الفرصة على المزايدين والمتآمرين للوقيعة بين الشعبين الاماراتي والفلسطيني، فالامارات تتحرك في مسار رسمي من أجل مصلحتها وكذلك من أجل تأمين مسار أفضل لتسوية القضية الفلسطينية عبر بدائل وحلول غير تقليدية، بعد أن ثبت فشل كل الجهود التي استغرقت سنوات وعقود طويلة ولم تفلح في تحقيق أي اختراق حقيقي لمصلحة الشعب الفلسطيني.
تراهن الامارات دوماً على علاقاتها الطيبة مع الشعوب العربية، وتستثمر في هذه العلاقات إيماناً منها بأن هذا النهج هو الأكثر فاعلية وتحقيقاً لمبادئها وقيمها التي تركز على بناء الانسان، وتوفير حياة كريمة له، لذا فقد كان مهماً للغاية أن توضح الامارات حقيقة موقفها تجاه الشعب الفلسطيني من كافة جوانبه، ولا تترك الأمور للأهواء والقيل والقال، فالامارات بلد الوفاء، وليس من شيمها على الإطلاق أن تتنكر لمن أسهم يوما في دفع مسيرة البناء والتنمية، لذا فقد كان سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، واضحاً حين أشاد بدور الجالية الفلسطينية الإيجابي في نهضة بلاده، مؤكدا أن الإمارات ستظل دائما الحاضنة الأمينة لهم ولأسرهم، وهذه الرسالة هي الأقوى والأهم في الوقت الراهن حيث اللغط المثار من القيادات الفلسطينية حول اتفاق السلام الاماراتي ـ الاسرائيلي، ما تطلب توضيحاً إماراتياً يبث الطمأنينة في قلوب أبناء الجالية الفلسطينية على أرض الامارات، التي اعتادت ألا تترك الأمور للمصادفة، وألا تدع المقيمين على أرضها فريسة للقلق والخوف، فالامارات بلد الأمن والأمان وتبحث عن أمن وسلام واستقرار وسعادة كل شعوب المنطقة، فحري بها أن تبث الطمأنينة والسلام في قلوب الجميع، انطلاقاً من روابط الأخوة والمشاعر الانسانية الراقية، التي تحكم سياسات الامارات تجاه الشعوب كافة ولاسيما العربية والاسلامية منها.