من المعروف أن دعم الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي، كان ولا يزال، هدفاً مركزياً للسياسة الخارجية الاماراتية، التي تسعى لنشر السلام ونزع فتيل الصراعات في مناطق شتى من العالم. وبحكم الأولوية التي يحظى بها الأمن القومي العربي في إطار الرؤية الاستراتيجية الاماراتية، فإن دولة الامارات تحرص على توفير كل سبل الدعم من أجل استعادة استقرار الدول العربية التي تعاني أزمات واضطرابات منذ عام 2011؛ وهذا مايفسر تحول الامارات إلى محطة رئيسية لجولات المسؤولين العرب في الأونة الأخيرة، حيث استقبلت الدولة مؤخراً مصطفي الكاظمي رئيس وزراء العراق، وكذلك عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا.
الامارات تضع مصالح الشعوب العربية فوق أي اعتبارات أخرى، وتحرص على لعب أدوار مهمة من أجل استعادة الأمن والاستقرار والتصدي للفوضى وتنظيمات الارهاب وميلشياته في حال تطلب الأمر ذلك، ولا تأبه في سبيل ذلك بالدعايات المغرضة التي تروجها جماعات الارهاب والفكر والمتطرف، للنيل من دور الامارات والاساءة إليها ومحاولة اثنائها عن دورها في التصدي للفوضى بالتعاون مع دول عربية فاعلة في هذه المرحلة الصعبة من التاريخ العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، حيث لعبت الدول الثلاث أدوار بارزة سيذكرها التاريخ بأحرف من نور، من أجل احباط مخطط الفوضى الذي وقعت دول عربية عدة فريسة له في السنوات الأخيرة.
المواقف الاماراتية الداعمة لمصالح الشعوب العربية ومكتسباتها معروفة وعديدة ومتكررة ولا يمكن التشكيك فيها من جانب أي مراقب موضوعي، ابتداء من الموقف الاماراتي ـ السعودي في دعم الشعب المصري في مسيرة التخلص من قبضة حكم تنظيم الإخوان المسلمين الارهابي في الثلاثين من يونيو عام 2013، ثم تقديم دعم انساني كبير للاجئين السوريين ومساعدتهم على تحمل أعباء وتبعات الأزمة التي تواجه بلادهم، وكذلك الانضمام للتحالف العربي الذي قادته المملكة العربية السعودية للتصدي للتغول الحوثي المدعوم إيرانياً لمحاولة السيطرة على الدولة اليمنية، وتقديم كل الدعم الانساني والاغاثي للشعب اليمني الشقيق لمساعدته على تجاوز محنته.
وفي إطار ذلك، تسعى الامارات منذ سنوات إلى دفع جهود عودة العراق إلى حاضنته العربية، كي يستأنف مسيرته الحضار ية والتاريخية باعتباره ركيزة من ركائز الأمن القومي العربي، وفي هذا الإطار استقبلت الامارات مؤخراً، مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق، وأعربت عن دعمها الكبير لجهوده في القضاء على فوضى الميلشيات واستعادة الأمن والاستقرار وإطلاق جهود التنمية والبناء في العراق، وقد أكدت الامارات في ختام هذه الزيارة عن استثمار ثلاثة مليارات دولار في هذا البلد العربي العريق بما يسهم في دعم خطط التنمية واعادة البناء دعماً للشعب العراقي، الذي تكن له القيادة الرشيدة والشعب الاماراتي كل التقدير والاحترام لدوره التاريخي في دعم مسيرة تنمية دولة الامارات منذ بدايات مرحلة التأسيس، وهو ما أشار إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد خلال لقاء الكاظمي، حيث قال "فضل العراق وأهل العراق كبير، وهناك الكثير من العراقيين بنوا وعملوا وطوروا وساعدوا في بناء الإمارات"، وأضاف سموه: "نحن دائما نذكر ذلك، سواء من مهندسين وأطباء وحتى سياسيين، ولازال الكثير من العراقيين يعيشون في الإمارات ولهم الفضل الكبير، وأنا أتمنى أن تنمو العلاقات لخدمة الشعبين"، ليعكس بذلك قيم الوفاء المتجذرة في ضمير ووجدان أبناء شعب الامارات، فضلاً عن رغبة القيادة الرشيدة في عودة العراق إلى دوره الطبيعي التاريخي كركيزة من ركائز النظام الاقليمي العربي، الذي يعاني بشدة في المرحلة الراهنة جراء تضعضع بعض أركانه وتعرضها لأزمات تسببت في انكفائها على الذات.
وفي الإطار ذاته، كانت الامارات في مقدمة الدول الداعمة للسلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، وقد حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة على تأكيد هذا الدعم القوي خلال لقاء سموه مؤخراً، عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، الذي قام بزيارة عمل مؤخراً لدولة الامارات، حيث أكد سمو ولي عهد أبوظبي خلال اللقاء على أن "العلاقات بين الإمارات وليبيا علاقات أخوية وراسخة، ونتطلع إلى تعزيزها وتنميتها خلال المرحلة المقبلة لمصلحة شعبينا الشقيقين"، وقال سموه إن "دولة الإمارات تقف دائما إلى جانب الشعب الليبي ومع كل ما يحقق مصلحته ويحافظ على سيادة بلده ووحدتها ويمنع التدخل في شؤونها الداخلية".
الامارات التي حققت نجاحات وإنجازات مشهودة في مختلف مجالات التنمية المستدامة، تضع خبراتها ودروس تجربتها الفريدة والملهمة في خدمة شعوب العالم الساعية للبناء والسلام والتعايش، وبالتأكيد لن تدخر جهداً في دعم سعي الدول والشعوب العربية في سعيها للخلاص من مرحلة الفوضى والاضطرابات وإطلاق جهود التنمية والبناء؛ فدور الامارات وقدراتها وقوتها الناعمة، وبالأخص في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا، تضعها في خدمة التنمية وتحقيق الأمن والاىستقرار الاقليمي والدولي، سواء من خلال الانخراط في عمليات حفظ السلام أو المشاركة في جهود حماية الدول والحفاظ على سيادتها وصون مكتسبات الشعوب، أو في تقديم المساعدات الانسانية والاغاثية السخية التي تدعم جهود انقاذ الشعوب التي تعاني أزمات وكوارث ونكبات وكافة صور المعاناة الانسانية، أو من خلال تقديم المنح المالية وتوجيه الاستثمارات لانعاش اقتصادات العديد من الدول، وفي مقدمتها الدول العربية.