لم يعد هناك شك في أي النظام العالمي الراهن بات عاجزاً عن التعامل مع أي أزمة، بل فشل في التصدي للتهديدات الناجمة عن ممارسات عدوانية وارهابية تقوم بها أنظمة معادية للأمن والاستقرار الدولي!
إيران أحد نماذج وبراهين فشل النظام العالمي والأمم المتحدة بمؤسساتها وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، فقد أدى التردد الدولي حيال التصدي لانتهاكات إيران لأمن واستقرار دول عربية عدة إلى تمادي نظام الملالي في انتهاكاته، والمؤكد أن الصواريخ الباليستية التي تطلقها ميلشيات الحوثي الانقلابية في اليمن على أراضي المملكة العربية السعودية بوتيرة زمنية متقاربة تعني أننا نعيش في فوضى وفراغ قيادة دولي خطير!
يتابع العالم عربدة إيران في سوريا والعراق واليمن ولا يفعل سوى إصدار بيانات لا تسمن ولا تغني من جوع، سواء بسبب صراع المصالح بين القوى الكبرى التي يتولى بعضها مهمة حماية البلطجة الإيرانية الإقليمية، في يبقى بعضها الآخر صامتاً خشية تأثر مصالحه مع نظام الملالي!
يقول البعض إن العلاقات الدولية لا يجب أن ترتهن لمزاج الرئيس الأمريكي وتغريداته التويترية، ولكن العلاقات الدولية لا يجب أن ترتهن أيضاً لمزاج الملالي ومصالحهم واهوائهم، كما لا يجب أن ترتهن للميلشيات والأذرع المسلحة التي انتشرت في منطقة الشرق الأوسط كانتشار النار في الهشيم، إلى حد أن بعض مسؤولي الدول المعنية أن الفصائل المتصارعة في ساحات القتال في سوريا تتاجر في السلاح مع بعضها البعض!
رأينا منذ أيام قلائل السيد علي ولاياتي المستشار الأعلى للمرشد الإيراني علي خامنئي يتفقد مناطق الغوطة الشرقية في ريف دمشق في سوريا وكأنه يتجول في مدن إيران، بل إن الرئيس الإيراني حسن روحاني يهدد الولايات المتحدة علناً برد «أقوى مما يتخيل» الرئيس ترامب إن انسحب من الاتفاق النووي، وان واشنطن ستندم على قرارها!
رد الفعل الإيراني المتوقع يتمثل في تفعيل البرنامج النووي الإيراني، وستحاول الوصول بسرعة فائقة إلى مستوى تخصيب لليورانيوم يفوق ما كانت عليه قبل الاتفاق، وانهاء كل التزاماتها في الاتفاق الذي نص على الحد من مستوى التخصيب النووي بحيث لا يتجاوز 5 في المئة، والتوقف عن بناء المزيد من مفاعلات المياه الثقيلة لمدة 15 عاماً، والسماح للمفتشين الدوليين بدخول البلاد. بالأمس أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي أن بلاده يمكنها العودة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في منشآة فوردو في غضون 4 أيام، إذا فرضت مجددا واشنطن إجراءات الحظر، فيما علّق المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي على تصريح صالحي بشأن قدرة إيران إعادة عمليات التخصيب خلال 4 أيام، مشيراً إلى أن هذه المدة يمكن تقليصها إلى النصف لتصبح يومين فقط. وأجاب كمالوندي على سؤال حول إمكانية أن يكون رئيس منظمة الطاقة الذرية قد بالغ في تصريحه بشأن فترة الأربعة أيام قائلاً: «إنها حقيقة غير مبالغ فيها، فإن لدينا في مجمع فوردو ما يزيد عن ألف و600 جهاز طرد مركزي يعمل حالياً دون حقنه بالغاز، ويكفي تحريكه»!
ماذا فعل الاتفاق النووي إذن طالما أن نظام الملالي قد أبقى على قدراته النووية، ناهيك عن أن تشغيل هذه القدرات طيلة الفترة الماضية سراً يبقي احتمالاً وارداً، في ظل ماعرف عن نظام الملالي من غموض وفشل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في دخول المنشآت النووية العسكرية الايرانية وإخضاعها للتفتيش!
أحد أسباب التحدي الإيراني تتمثل في موقف الاتحاد الأوروبي، الذي يصر على أنه لا حاجة لإعادة التفاوض على الاتفاق، ويزعم أن الاتفاق «يسير بشكل جيد»! كان الاتحاد الأوروبي يتذرع بأنه من غير الحكمة إعادة التفاوض حول الاتفاق النووي الإيراني في ظل التهديد النووي الكوري الشمالي، وهذا الأمر غير مقنع لأن ما دفع إيران لهذه السلوكيات المارقة هو صمت العالم على كوريا الشمالية، فاستنسخ الملالي سلوكها ومنهجها وهكذا يمكن أن يتحول العالم إلى غابة خالية من القانون بسبب التردد الدولي!
الحقيقة أن العالم يغامر بالصمت على العربدة الإيرانية، فلا يمكن للدول العربية أن تبقى صامتة للأبد في مواجهة المشروع التوسعي الإيراني واعتداءات الأذرع الإيرانية على المدنيين في دول عربية، ولا يمكن أن تبقى إيران بمعزل عن أي عقاب سياسي أو عسكري، الأمر الذي يشجعها على التمادي في مخططها الطائفي البشع!