هل يختلف اثنان من المراقبين على أن النظام الإيراني يمتلك مشروعاً توسعياً إقليمياً بوجه طائفي؟ وهل يختلفان على أن النظام الثيوقراطي الذي فشل في الانتقال من «الثورة» إلى «الدولة» لا يزال يؤمن بفكرة تصدير الثورة وينشر أذرعه الميلشياوية في دول عربية عدة لتقويض الأمن والاستقرار تنفيذاً لمخططات الملالي؟ وهل ينكر أحد أن مسؤولي هذا النظام قد تفاخرواً علناً باحتلال أربع عواصم عربية والسعي لاحتلال عاصمة خامسة؟
تذكرت هذه التساؤلات التي يعرف إجابتها الكثيرون بمجرد أن قرأت حديث الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال اجتماع لـ»المجلس الأعلى للثورة الثقافية»، التي قال فيها إن بلاده لا تمتلك عقيدة توسعية تجاه مكونات القوة الدفاعية والعسكرية، وتحدث روحاني مطولاً عما أسماه بـ«الوثيقة الشاملة في المجال الدفاعي»، و»الدفاع المقدس»، مشيراً إلى أن «القوة العسكرية والدفاعية المبنية على المبادئ الإسلامية والأخلاق الإنسانية تشكل الملامح الرئيسية، وفي نفس الوقت مواطن الاختلاف الأساسية بين عقيدة إيران الدفاعية مع الدول الأخرى».
يقول الرئيس روحاني أيضاً في حديثه «في الظروف التي تسعى فيها بعض الدول والقوى إلى الهيمنة على العالم وتوسيع عنصر القوة العسكرية والتسليحية، ودخلت بهذا الدافع في المنافسة على السيادة وسباق التسلح مع بعضها البعض، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن منطلق معتقداتها الدينية، لا ولن تفكر في مثل هذا الهدف»، ويعني هنا أن إيران لا تسعى للهيمنة انطلاقاً من «معتقداتها الدينية»، ولست هنا بصدد مناقشة العلاقة بين المعتقدات الدينية للملالي من ناحية، والعدوانية والنهج التوسعي الذي يتسم به سلوك الملالي تجاه دول الجوار من ناحية ثانية، فنحن بصدد مناقشة السلوك السياسي للنظام، والذي يعكس نوايا عدوانية بغيضة تجاه جواره الجغرافي من دون احترام للقانون والمواثيق الدولية، ولا المبادئ الأخلاقية ناهيك عن المعتقدات الدينية وأي قواعد أو ضوابط أخرى يزعم الملالي ارتباطهم بها.
يذكرنا هذا الحديث بتصريحات قادة ومسؤولي نظام الملالي المتكررة حول عشرات المناورات التي يجريها الحرس الثوري والجيش الإيراني بشكل دوري وبوتيرة غريبة للغاية، وكيف أنها تحمل رسالة سلام لدول الجوار! ما يعني أن الملالي لا يعنيهم مصداقيتهم في نظر الآخرين، فهم يوجهون خطابهم إلى شريحة محددة تشمل مؤيديهم والمتعاطفين معهم فقط، وبالتالي لا يهتمون كثيراً بالمنطق والموضوعية والإقناع في أحاديثهم الموجهة للاستهلاك المحلي، وهذا ما يفسر الكم الكبير من الخداع والمغالطات في مثل هذه الخُطب والأحاديث.
والحقيقة أن الملالي يدركون تماماً حقيقة نواياهم وتوجهاتهم وسلوكياتهم البغيضة تجاه دول الجوار، فهناك حقائق لا يمكن إنكارها والأمر هنا لا يقتصر على دور النظام الإيراني البغيض في نشر الفوضى والاضطرابات في دول عربية مثل العراق وسوريا واليمن، ولكن أيضاً في التآمر على دول مجاورة منها وهناك دلائل بالمئات على مؤامرات إيرانية ضد دول الجوار.
السؤال هنا: المؤامرات الإيرانية تندرج ضمن العقيدة الدفاعية؟ وهل تنفذ بموجب التزام الملالي بعقيدتهم الدينية أم بحثاً عن نفوذ سياسي، وتنفيساً عن أحقاد قومية تاريخية لا علاقة لها بالدين والطائفة والمذهب وغير ذلك؟
نظام الملالي الإيراني الذي يحتل الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى) ويرفض الجلوس على مائدة التفاوض بشأنها، كما يرفض إحالة هذا الملف الحيوي للأمن القومي الإماراتي والعربي إلى التحكيم الدولي، ويتباهي باحتلال عواصم أربع دول عربية، وينشر ميليشياته وأذرعه العسكرية تنشر الفوضى والمؤامرات والاضطرابات في العديد من الدول العربية، ينكر أن لديه مشروع هيمنة توسعي، وكأن كل الشواهد والدلائل خافية أو غير واضحة للجميع في منطقتنا وخارجها!