هناك جبهات عدة يتحقق فيها النصر ضد الإرهاب خلال الأشهر الأخيرة، فقد تم القضاء على تنظيم "داعش" فى العراق وسوريا، وإنهاء أسطورة "خلافة البغدادى"، التى أوهمت المئات من الشباب حول العالم، وجلبتهم إلى مناطق صراع تم تسويقها إليهم عبر الدعاية الزائفة بأنها "جولة الحق"، وأنها تستهدف الدفاع عن الإسلام واستعادة خلافته وحواضره!!
الانتصار ضد الإرهاب يمضى أيضاً بثقة على جبهات أخرى فى اليمن، حيث تقوم قوات التحالف العربى، ولاسيما قوات دولة الإمارات العربية المتحدة بشن هجمات ضد "تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية"، الذى يتخذ من بعض محافظات الجنوب اليمنى مركزاً له منذ سنوات طويلة مضت. كما تخوض مصر حرباً شرسة ضد الإرهاب، وتحقق انتصارات حاسمة على درب استئصال تنظيمات التطرف والإرهاب وتطهير الأراضى المصرية كافة.
ما تقوم به الدول كافة فى الحرب ضد الإرهاب يحقق نجاحات فى الآونة الأخيرة لأن منابع التمويل قد تم قطعها نهائياً، وهذا من أكثر الدلائل موثوقية على وجود تمويل قطرى كان يعزز مقدرة تنظيمات الإرهاب على مواصلة عملياتها القذرة سواء عبر شراء الأسلحة، أو توفير المال اللازم لشراء الولاءات واستقطاب العناصر الجديدة وغير ذلك من متطلبات استمرار الأنشطة الإرهابية.
ما يجرى على صعيد جبهتى التمويل والحرب الميدانية، يتعزز بقوة على جبهة "الإنترنت" أو جبهة الدعاية والتسويق والترويج للفكر الإرهابى والخطاب التحريضى وساحات التدريب الافتراضية التى لعبت أدوار بالغة الخطورة خلال الفترة الماضية.
من أهم الانتصارات التى تتحقق على جبهة الإنترنت، هو ما كشفه موقع "يوتيوب" الذى تحدث مؤخراً عن إزالة نحو 50 ألف فيديو للداعية الإسلامى المتشدد أنور العولقى الذى قتل فى غارة جوية عام 2011، وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الفيديوهات الموجودة عبارة عن أفلام وثائقية وفيديوهات إخبارية. واشتهر العولقى بدعوته الصريحة إلى ممارسة العنف والارهاب كـ "فرض دينى"، وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الفيديوهات الموجودة عبارة عن أفلام وثائقية وفيديوهات إخبارية.
التقارير الإعلامية تؤكد أن عملية الإزالة قد تمت بناء على مراجعات بشرية للمحتوى المنشور عبر "يوتيوب:" وليس عبر إجراءات آلية، وهذا يعنى أن الشركة المسؤولة قد قامت بإجراء ضخم لفلترة كم هائل من الفيديوهات المنشورة على الموقع الشهير، لاسيما أن تنظيمات الإرهاب تتحايل على الإجراءات التى تضعها المواقف الشهيرة لنشر المواد المحظورة، وتقوم بنشرها بصيغ مختلفة للتحايل على القواعد والإجراءات المعلنة للبث الرقمي.
نعم بذل دعاة مكافحة الإرهاب جهود كبيرة فى مطالبة المواقع بحذف المحتوى الذى يروج للارهاب ويحرض عليه، ولكن هذه المواقع تستحق الإشادة بقوة لأنها نجحت فى "تطهير" مساحات كبيرة من فضاء الانترنت من المحتوى التحريضي، الذى يمثل أساساً لانتشار التطرف والإرهاب.
المعركة التى تخوضها مواقع الانترنت ضد الإرهاب لن تحسم بسهولة، فهى أكثر تعقيداً وتشابكاً من ساحات الحرب التقليدية، وقد اتخذت منحى جدى منذ أكتوبر الماضي، حيث تم توقيع اتفاق بين الدول السبع الكبرى وكبرى شركات مواقع التواصل ومحركات البحث فى العالم للتصدى للارهاب على شبكة "الانترنت"، ويهدف إلى إعاقة عمليات التجنيد للتنظيمات المتطرفة عبر شبكة الانترنيت. ويهدف الاتفاق إلى منع الخطاب الذى يحض على العنف، وبث التعليمات لتنفيذ الهجمات، وتداول معلومات تركيب الأجهزة المعدة للتفجير، مع التقليل إلى أقصى حد ممكن من أنشطة الترويج للجماعات المتشددة الكترونياً.
على هامش التوقيع على هذا الاتفاق الذى اعتبره تاريخياً فى ضوء مستهدفاته الحيوية، أعلن وزير الداخلية الإيطالى ماركو مينيتى أن نحو 80% من التطرف مصدره شبكة "الانترنت" وقال " كان علينا أن نتدخل فى هذا الحقل أيضاً، حتى لا يقتصر العمل على محاربة الإرهاب فى سوريا والعراق".
يجب أن ينتبه العالم إلى أهمية استمرار الحرب ضد الإرهاب عبر الانترنت، حيث تمددت هذه التنظيمات عبر الساحة الافتراضية فى السنوات الأخيرة واتخذت منها نقاط تمركز للدعاية والترويج والتجنيد، ما يعنى أن خوض الحرب عبر الانترنت لا يقل أهمية عن ميادين الحرب التقليدية فى مناطق انتشار تنظيمات الإرهاب.