هل تنتظر أمريكا وأوروبا هجمات إرهابية جديدة على غرار أحداث 11 سبتمبر لتتخذ إجراءات حاسمة ضد المنظمات التي تدعو صراحة للعنف والإرهاب تحت غطاء الدين؟. ما يدعو لطرح هذا السؤال هو البيان الأخير الصادر عن لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بتاريخ 28 مارس 2025م والمنشور على موقعهم الرسمي (iumsonline.org)، والذي قام رئيس الاتحاد علي القره داغي بإعادة نشره وتأكيده على حسابه الشخصي في منصة إكس (تويتر سابقاً)، يمثل نموذجاً صارخاً للخطاب التحريضي الذي يدعو للعنف والإرهاب تحت مسميات دينية، ويستهدف تجنيد المسلمين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المقيمين في الدول الغربية، للانخراط في أعمال عنف وإرهاب.
يأتي هذا البيان في سياق تاريخ طويل من الدعوات المماثلة التي أطلقها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهي المنظمة التي تأسست عام 2004 على يد يوسف القرضاوي، العضو البارز في جماعة الإخوان المسلمين. وعلى الرغم من محاولات الاتحاد تقديم نفسه كمؤسسة "معتدلة ووسطية"، فإن خطابه وممارساته تكشف عن وجهه الحقيقي كذراع إعلامي وديني للجماعات الإرهابية، وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين.
يرى كثير من الخبراء ان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يمثل منصة خطيرة تستخدم الغطاء الديني لنشر دعوات تحريضية للعنف والإرهاب. فالبيان الأخير الصادر عن لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد يحتوي على دعوات صريحة للجهاد بالسلاح، وهو أمر خطير ومتكرر من الاتحاد، ويمثل دعوة مباشرة للقيام بتنفيذ عمليات قتل وإرهاب.
لا يقتصر الأمر على ذلك، بل يتضمن البيان أيضاً دعوة للجهاد المالي لدعم ما يسميه "المقاومة"، وهي في الحقيقة دعوة صريحة للقيام بعمليات دعم مالي للتنظيمات الإرهابية في كل دول العالم. هذا النوع من الدعوات يشكل خطراً كبيراً، إذ يمكن أن يؤدي إلى تمويل العمليات الإرهابية تحت غطاء العمل الخيري.
كما يدعو الاتحاد إلى تدخل عسكري وإنشاء تحالفات عسكرية على أسس دينية، مما يعزز فكرة الصراع الديني ويؤجج الانقسامات العالمية. وتشكل هذه الدعوات تهديداً للاستقرار الإقليمي والدولي، وتقوض جهود السلام التي بذلت على مدى عقود.
والأخطر من ذلك هو توجيه الاتحاد دعوات للجاليات المسلمة في الغرب للضغط على حكوماتها، وهو ما يؤدي عادة كما تثبته الاحداث إلى تطرف بعض أفراد هذه الجاليات وتنفيذ عمليات إرهابية.
إن هذه الدعوات المتكررة من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين للجهاد والعنف تجعل من الضروري تصنيفه كمنظمة إرهابية، واتخاذ إجراءات حاسمة ضده لحماية الأمن والاستقرار العالميين.
بلا شك تشكل دعوات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تهديداً أمنياً خطيراً على عدة مستويات. فعلى المستوى الفردي، يمكن أن تحفز هذه الدعوات أفراداً متطرفين على تنفيذ هجمات إرهابية فردية، وهو ما يعرف بظاهرة "الذئاب المنفردة". وهذا النوع من الهجمات يصعب رصده واستباقه من قبل الأجهزة الأمنية، خاصة عندما يتم تبريره دينياً كـ "واجب شرعي". وقد شهدت أوروبا وأمريكا عدة هجمات نفذها أفراد متأثرون بخطاب ديني متطرف مشابه.
تؤكد التجارب السابقة في الغرب والولايات المتحدة أن هذه الدعوات تؤدي إلى تجنيد وتعبئة الشباب المسلم في الغرب، من خلال استخدام الخطاب الديني لتجنيد شباب مسلم في المجتمعات الغربية للانخراط في أعمال عنف والتي تحدث ونراها بشكل دوري في اوروبا وامريكا. وما يدعم ذلك اكتشاف الجهات الامنية لتشكيلات خلايا إرهابية نائمة في الدول الغربية.
وبلا شك ايضا تشكل دعوة الاتحاد لـ "وجوب الجهاد المالي" تهديداً آخر، إذ يمكن أن تؤدي إلى جمع أموال تُستخدم في تمويل العمليات الإرهابية. وتكمن خطورة هذا الأمر في صعوبة تتبع التحويلات المالية الصغيرة من أفراد متعاطفين، خاصة عندما تتم تحت غطاء العمل الخيري. ويمكن استخدام شبكات التمويل غير الرسمية والجمعيات الخيرية كواجهة لتمويل الجماعات المسلحة.
لا تقتصر خطورة دعوات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على التهديدات الأمنية المباشرة، بل تمتد لتشمل تداعيات خطيرة على المجتمعات الغربية. فخطاب الاتحاد يعزز فكرة "نحن ضدهم" ويصور الغرب كعدو كافر رغم هجرة الكثير من المتطرفين للغرب والولايات المتحدة للعيش والانتفاع من الدعم الاجتماعي والحرية الدينية وتكوين تنظيمات تمارس ضغط سياسي على الدول الحاضنة لها والاحداث الارهابية التي تحصل في الغرب والولايات المتحدة هي ادلة واقعية.
في ضوء ما سبق، يتضح أن هناك أسباباً وجيهة لتصنيف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كمنظمة إرهابية. فالاتحاد يدعو صراحة للجهاد المسلح، وهو ما يتعارض مع قوانين مكافحة الإرهاب في معظم دول العالم، كما يستخدم المنصة الدينية لتبرير العنف وإضفاء الشرعية عليه.
و بحسب الواضح والجلي فالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي للدول الغربية من خلال تحريض المسلمين المقيمين فيها، واستهداف استقرار المجتمعات الغربية من خلال زرع بذور الإرهاب والتطرف.
فهل تنتظر أمريكا وأوروبا هجمات إرهابية جديدة على غرار أحداث 11 سبتمبر لتتخذ إجراءات حاسمة ضد هذه المنظمات؟ أم أنها ستتحرك الآن لمواجهة هذا التهديد قبل فوات الأوان؟ إن الإجابة على هذا السؤال ستحدد مستقبل الأمن والسلم في السنوات القادمة.