تشير مجمل الشواهد إلى حراك سعودي تنموي متسارع في المجالات كافة، فالمملكة العربية السعودية باتت ملء السمع والبصر في جميع المجالات من خلال انجازاتها ونجاحات تتحقق وفق رؤية تنموية طموحة يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والذي نجح في تحويل السعودية إلى واحة للأمل وقاطرة للتغيير وبناء المستقبل في منطقة الشرق الأوسط.
أحد مكامن القوة في المشروع التنموي السعودي الذي يتمحور حول رؤية 2030، أنه يشمل جميع القطاعات والمجالات، وأن العمل والنجاحات تتحقق على التوازي في مجمل جوانب المشروع، حيث نلحظ طفرة نوعية في الأداء السعودي في قطاعات الثقافة والفنون والرياضة والسياحة، جنباً إلى جنب مع التعليم والصحة والصناعة والتجارة والاستثمار والبيئة ومجالات واعدة يبرز فيها أداء الشباب السعودي بشكل لافت مثل المعلوماتية والذكاء الاصطناعي والفضاء والابداع والابتكار.
مجمل ماسبق من نجاحات يتجلى ويتجسد على صعيد السياسة الخارجية السعودية التي باتت تضع المملكة العربية السعودية قطباً دولياً مرموقاً يشارك في صنع السياسات الدولية في مختلف المجالات، ويلعب دوراً فاعلاً في تحقيق استقرار الاقتصاد العالمي، ويضاعف من تأثير المملكة العربية السعودية على هذا الصعيد أن الرياض باتت تمتلك هامش مناورة واسع في علاقاتها الدولية من خلال استراتيجية ناجحة لتنويع الشراكات وتبني مواقف رصينة وعقلانية إزاء الأحداث والتطورات الاقليمية والدولية كافة.
هذه النجاحات ليست عابرة ولم تتحقق مصادفة بل هي حصاد رؤية استراتيجية طموحة وتخطيط دقيق وعمل جاد يقوده ولي العهد الذي يمضي منذ اليوم الأول لتولي منصبه في مسار واضح يضع مصالح بلاده وسعبه نصب عينيه ولا يحيد عن ذلك قيد أنملة ولم يخضع يوماً لضغوط ولم يتأثر بحملات دعائية مضادة، ولم ينسق وراء تحقيق مكاسب سياسية سريعة، بل وضع تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية وترسيخ دورها عالمياً نصب عينيه، وهذا هو السر فيما نراه مبهراً من أداء سعودي في مختلف المجالات.
لا يمكن لمراقب أن يتجاهل قصص النجاح السعودية التي تتوالى بشكل شبه يومي، وقد اعجبني وصف مسؤولة سعودية لما يتحقق على أرض بلادها بأنه أكبر قصة نجاح في القرن الحادي والعشرين، لأن المسألة هنا ليست أوصاف تطلق على عواهنها بل أرقام وحقائق، فعندما يتضاعف عدد المستثمرين المؤهلين في السوق المالي السعودي بمقدار 74 ضعفاً، فإننا بصدد حالة فريدة من القدرة على جذب الاستثمارات، استناداً على بيئة عمل جاذبة وتطور هائل ومتسارع في الإجراءات وتسهيل الأعمال والبنى التحتية بما يوفر للمستثمرين فرصاً هائلة تعكسها هذه الأرقام اللافتة.
على الصعيد الإجمالي، نلحظ أن الاقتصاد السعودي بات في المرتبة ألـ16 بين دول مجموعة العشرين، حيث شهد الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية زيادة من 2.6 تريليون إلى 4.1 تريليون ريال، كما بلغت نسبة نمو الاستثمار الأجنبي المباشر 52% منذ بدء تطبيق رؤية المملكة 2030، حيث يمثل الاستثمار الأجنبي 20 % من إجمالي الاستثمارات، والأهم، برأيي، أن قطاع التصنيع استحوذ على ثلث التدفقات الأجنبية للمملكة، وهو ما يعني التحول نحو التصنيع ومن ثم رفع معدلات التصدير والحد من الاستيراد بما يسهم في تعزيز قوة الاقتصاد الوطني ويدعم مكانة السعودية كقوة صناعية واعدة.
بلاشك أن دول مجلس التعاون، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، باتت تمثل مصنع أفكار العالم وقاطرة للابتكار والمبادرات التي تسهم في التنمية المستدامة، وقد اشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً إلى اعجابه بفكرة تحويل الصحراء إلى تربة خصبة كما يحدث في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، حيث تعمل الدولتان على تسخير العلم والتكنولوجيا وتوفير البيئة الملائمة للعلماء والخبراء من أجل الاسهام في دفع مسيرة البشرية في مجالات حيوية عديدة، منها الزراعة بالطرق الحديثة التي يمكن أن تفتح آفاقاً واعدة للبشرية جمعاء، وليس للدولتين فقط على صعيد الأمن الغذائي.
في منتصف الطريق تقريباً نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030، التي انطلقت في عام 2016، تمضي المملكة العربية السعودية بخطى ثابتة نحو تحقيق مستهدفات رؤيتها التنموية الطموحة، ولاسيما فيما يتعلق بتطوير القطاعات الأساسية مثل الصحة والتعليم والاستثمار، والأهداف الحيوية للرؤية مثل تحسين جودة حياة السكان، والارتقاء بمكانة المملكة على الصعيد الدولي، فضلاً عن مؤشرات نوعية بالغة الأهمية مثل ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل السعودية لتصل إلى 37% في عام 2022، ارتفاعاً من 19% في عام 2016، ووصول معدلات العمالة السعودية في القطاع الخاص إلى نسب غير مسبوقة في المملكة، وجميعها مؤشرات ايجابية تدعم الاقتصاد السعودي الذي ترتفع معدلات انفاقه على المشروعات الكبرى لمعدلات قياسية، ويتوقع لها أن تبلغ نحو 180 مليار دولار سنوياً في عامي 2026،2027.
مانتابعه جميعاً في المملكة العربية السعودية في المجالات كافة، وما نلحظه من تحولات وتغييرات متسارعة، قد يبدو قمة جبل جليد من النجاحات والانجازات النوعية التي تمضي بكفاءة واقتدار نحو بناء "مجتمع حيوي ليكون الأساسا لاقتصاد مزدهر ووطن طموح".