* أقر شاهين دادخواه العضو السابق في الفريق الإيراني النووي المفاوض والمستشار الأمني الايراني السابق إنه زار تل أبيب عام 2010 بتكليف رسمي من النظام الإيراني، والتقى وزير الصناعة الإسرائيلي ومسؤولين في جهاز الموساد، وقدم تقريرًا عن نتائج زيارته للمسؤولين الإيرانيين، وأضاف دادخواه في تصريح صحفي أنه أجرى مباحثات مع مسؤولين أمنيين وسياسيين إسرائيليين بهدف ضمان المصالح الإيرانية، وقدم تقريرا عن نتائج زيارته لكبار المسؤولين الإيرانيين.
هذا التصريح اللافت قوبل بنفي إيراني رسمي، حيث وصفت طهران التصريح بالهراء، واعتبرته تشويهاً متعمداً من شخص يعمل حالياً مع الجانب الأمريكي. شخصياً لم تفاجئني تصريحات المسؤول الايراني السابق، كما اعتبر النفي الايراني لها بديهياً، فمن الافراط في السذاجة توقع اعتراف إيران أو غيرها بمثل هذا، ولكن الشواهد أكثر من أن تحصى على تواصل إيراني إسرائيلي، وأن الصراع الكلامي بين الجانبين هو صراع على ابتزاز الولايات المتحدة ليس أكثر ولا أقل، ولا يستغرب أحد أن الابنة المدللة إسرائيل تبتز الأم الحنون، وتفعل كما يفعل الايرانيون تماماً!
* انتشرت في وسائل الاعلام الغربية مؤخراً تحليلات وتقارير حول تأثير الهجمات التي تشن ضد تنظيم "داعش"، وفي ذلك تتباين توقعات وتقديرات الخبراء والمتخصصين، ولكن اتحفظ على من يحاول اقناعي بأن تنظيم "داعش" بات بقوة الاتحاد السوفيتي السابق على سبيل المثال، حيث يتلقى الضربات في العراق وسوريا من تحالفات مختلفة وربما متصارعة، ولكنها تتفق جميعاً على قصفه ليل نهار، بحسب ما يزعم كل هؤلاء(!) الإشكالية الأخطر ليست في تأثير هذه الضربات من عدمه، لكنها تبقى في ضرورة التفكير في مرحلة ما بعد "داعش"، ومحاولة الاجابة عن تساؤلات من مثل: ماذا لو انهار التنظيم تحت تأثير هذه الضربات، أو بالأدق ماذا لو قرر رعاته الرئيسيين اقليمياً ودولياً إعلان انهياره وتفكيكه بعد تحقق أهدافه الاستراتيجية؟ هنا فقط يجب على الجميع لاسيما في الدول العربية البحث عن استراتيجية مبتكرة للتعامل مع خطر ما بعد "داعش" والبحث في مصائر العشرات بل المئات من مقاتلي التنظيم، الذين اعتادوا مستويات وأنماط معيشة تختلف عما كانت عليه عناصر تنظيم "القاعدة" أو الجيل السابق من الارهابيين. فهؤلاء مقاتلون "مرفهون"، وبالتالي سيكون أحد أهم اهدافهم هو الحفاظ على مستوياتهم المعيشية ودخولهم العالية، أما كيف وأين وفرص تحقق ذلك، فهذه عناوين أو محاور للبحث والدراسة من جانب المتخصصين ومراكز الدراسات لاعداد سيناريوهات وتصورات محتملة بشأنها. وبشكل عام فإن في هذه المسألة ثوابت وتوقعات، أما ثوابتها فتتمثل في أي الصراعات المذهبية التي تثيرها إيران ستبقي على حالة الفوضى وتجعل الارهاب تجارة رائجة حتى لو قرر الحرس الثوري التخلي عن تنظيم "داعش" وتفكيكه وتسريح قادته الذين يعملون لمصلحة الجنرال سليماني ورفاقه من الملالي! فلو تم انهاء دور "داعش" فسيخرج علينا "ماعش" أو "لاعش" أو أي لاعب سيرك آخر ليعلن إشهار موجة ارهابية جديدة وتدشين جيل جديد مبتكر من تنظيمات الارهاب، فالمسألة تحولت إلى "ارتزاق" يصعب مقاومته، ففيها المال والنساء والمنصب والجاه والسلاح، وبات أباطرة الارهاب الجدد يثيرون بما يمتلكون من متاع وعتاد ونفوذ حسرة الارهابيين المتقاعدين من تنظيمات القاعدة والجهاد وغيرهم!
* هناك من لا يفهم أو يتجاهل عمداً أسباب ودوافع تمسك إيران باختراق الأمن القومي العراقي والسيطرة على مقدرات هذا الشعب العربي، فالعراق يمثل أولوية قصوى لإيران ليس فقط لاعتبارات القرب الجغرافي، وإنما للاعتبارات المذهبية، حيث نجحت إيران في تأسيس العديد من الأحزاب السياسية والميليشيات العسكرية المرتبطة بها في العراق، وكان آخرها ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية، لدرجة دفعت كثير من الخبراء إلى القول أن صنع القرار العراقي الحقيقي تتم في طهران. الدعم الإيراني للجماعات والميليشيات الشيعية، يهدف بالأساس إلى تحقيق مصالح سياسية واستراتيجية لإيران، خاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن العراق كان دوماً أحد مصادر التهديد الأمني والاستراتيجي لإيران قبل الإطاحة بنظام صدام حسين، بل إنه كان منافساً إقليمياً واستراتيجياً لإيران، فالعراق يمثل أهمية استراتيجية وسياسية اقتصادية لإيران، فموقعه الجيوسياسي والحساس من جسم الأمة العربية ودوره في خلق التوازن الإقليمي دفع إيران إلى تعزيز نفوذها ووجودها فيه، كي تحيده، باعتباره قوة للأمن القومي العربي، ثم بعد ذلك تجد من السذج أو المخدوعين من يقول لك أن إيران تدافع عن كرامة العرب في العراق (!!) إخراج العراق من معادلة الأمن الاقليمي كان وسيظل هدفاً استراتيجياً إيرانياً، والبقية تأتي، ما لم ننتبه ونفيق إلى حقيقة مايدور من حولنا ومايحاك ضدنا. ثم هل هناك من لا يزال يروج لفكرة ضرورة الحوار العربي الايراني؟ حوار على ماذا وحول ماذا؟ لا أدرى، ولكني أثق تماماً ت كما يثق هؤلاء المخدوعين أو المأجورين أن إيران غير جادة في بناء علاقات طبيعية سليمة مع دول المنطقة، لأنها حينما تقر بتدخلها في شئون هذه الدول، وتؤكد استمرارها في هذا التدخل، فإنها بذلك تقضي على أي فرصة لبناء الثقة مع الدول العربية والخليجية، فمن يتباهي بأن القوة وليس الالتزام بسياسة حسن الجوار واحترام سيادة الدول هي الضامن لمصالحه الاستراتيجية في المنطقة لا يمكن أن يكون جاراً مقبولاً حتى يتخلى عن توجهاته البغيضة.
* تساؤلات كثيرة تطرح حول مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية، لاسيما إبان زيارة أي مسؤول سعودي إلى واشنطن، حيث يتبارى الجميع في طرح اسئلة من عينة "هل تستغني الولايات المتحدة عن تحالفها مع المملكة العربية السعودية؟ وهل انتهى شهر العسل في العلاقات السعودية الأمريكية؟ وهل وهل.... الخ" والحقيقة أن قواعد اللعبة السياسية والعلاقات الدولية لم تعد تمضي وفق معادلات صفرية إما "مع أو ضد"، أو إما حليف أو عدو، فالمتغيرات باتت تفرض معادلات تكتيكية جديدة، بل أنتجت بالفعل مساحات وهوامش حركة جديدة بين النقيضين (مع أو ضد) فلم يعد هناك معية كاملة أو ضدية كاملة، إذ كيف لمتابع أن يعتقد في أن الولايات المتحدة يمكن أن تشطب بجرة قلم تاريخ من التحالف الاستراتيجي مع المملكة العربية السعودية لمصلحة نظام ثيوقراطي لا يمكن الوثوق في نواياه، ولا يزال يبني قدر كبير من دعايته وصدقيته بين أتباعه على تسويق الوهم المتمثل في العداء لأمريكا!!. والأقرب للحقيقة أن مايحدث سواء في العلاقات السعودية الأمريكية، أو حالات أخرى غيرها هو نوع من إعادة ترتيب الأوراق أو إعادة الهيكلة للاتفاق على قواعد مصالح استراتيجية جديدة بخلاف الأفكار المطلقة التي ظلت تحكم علاقات هذه الأطراف بعضها ببعض لسنوات وعقود طويلة مضت، وبين ذلك كله، تبقي وتظل أوزان المصالح الاستراتيجية بالأخير هي الفيصل والبوصلة لمسار أي علاقات دولية في القرن الحادي والعشرين.