لا شك أن استهداف سفينة المساعدات المدنية “سويفت” من جانب ميليشيات الحوثي والرئيس اليمني السابق علي عبدالله، مؤخرا، يمثل حالة انتهاك صارخة للقوانين والأعراف الدولية وبرهان جديد على ما تمثله هذه الميليشيات والتنظيمات المارقة من تحد وتهديد للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
السفينة “سويفت” إحدى السفن التي تسهم في نقل المساعدات الإنسانية والجرحى اليمنيين لتقلي العلاج. وهي سفينة مدنية لا تعمل تحت غطاء أو حماية عسكرية من أيّ نوع كونها تعمل في إطار غير عسكري. وتستخدم الممر المائي الدولي في باب المندب شأنها شأن جميع سفن الشحن والإغاثة المدنية المماثلة، وكونها تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة أو ترفع علمها لا يفترض أن يعني بالتبعية تعرضها للاستهداف العسكري من جانب ميليشيات متمردة، لا سيما أن السفينة تعمل في نطاق إنساني إغاثي بحت.
عندما تتعرض سفينة شحن تجارية للاعتداء الآثم أثناء مرورها في ممر بحري دولي يخضع للقوانين والقواعد الدولية المنظمة للعبور في الممرات والمياه الدولية، نصبح في مواجهة حالة انتهاك صارخة للقانون الدولي. ويصبح الحديث عن الأمن البحري وحرية الملاحة في الممرات والمعابر الدولية بحاجة إلى وقفة متأنية من جانب المجتمع الدولي والقوى الدولية المعنية بأمن واستقرار هذه المعابر والممرات.
هذه الحادثة خطيرة ولها العديد من الدلالات والأبعاد التي تتعلق بالأمن والاستقرار في منطقة ذات حساسية بالغة بالنسبة إلى حرية الملاحة، حيث تعكس الحادثة تورط ميليشيات الحوثي في جريمة قرصنة بحرية بقيامها بالاعتداء على سفينة مدنية مخصصة لنقل الجرحى والمساعدات الإنسانية.
لم يكن الاعتداء الآثم على هذه السفينة سوى محاولة لانتزاع انتصار إعلامي وهمي، حيث سعت ميليشيات الحوثي إلى الادعاء بإغراق “بارجة بحرية إماراتية”! لكن غباء القائمين على هذه الميليشيات أعماهم عن إمكانية كشف الحقائق في ساعات معدودات، فالسفينة معروفة ولديها سجل سابق في العمل على المستوى الإغاثي المدني. وقامت على مدار الأشهر الماضية بنقل مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية والمئات من الجرحى اليمنيين لتلقي العلاج اللازم، كما تكشفت الحقائق التي تؤكد أن السفينة يديرها طاقم متعدد الجنسيات يتكون من هنود وأوكرانيين ومصريين وليتواني وفلبيني وأردني، حيث تعرض أفراد الطاقم إلى اعتداء آثم ويتلقون العلاج الآن في دولة الإمارات العربية المتحدة.
إن الصمت الدولي على مثل هذه الممارسات إنما يسمح بتصعيد خطير في المياه الدولية في تلك المنطقة الحساسة، وبما يمثل تهديدا خطيرا للأمن الملاحي فيها. والمعروف أن العالم لا يزال يعاني ويدفع فاتورة باهظة التكلفة على التردد في مواجهة عصابات القرصنة البحرية في منطقة باب المندب وأمام سواحل الصومال وغيرها.
ولا شك أن الصمت على خطط الحوثي-صالح لتحويل المياه الدولية أمام سواحل اليمن إلى مصدر تهديد بحري جديد للسفن المدنية يمثل نقطة تحوّل نوعية بالغة الخطورة لا يجب الصمت حيالها، لا سيما أن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح يدرك خطورة اللعب بهذه الورقة الحيوية وكيف أنها تمثل مصدر ضغط على القوى الإقليمية والمجتمع الدولي. ويصب السماح بمثل هذه الممارسات التي يقوم بها الحوثيون أمام سواحل اليمن مباشرة في خانة تمدد التهديد القائم للقرصنة البحرية في تلك المنطقة الحيوية.
والجريمة البحرية التي شهدتها سواحل المخا باستهداف سفينة الإغاثة “سويفت” هي اعتداء مباشر على القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بحرية الملاحة في الممرات البحرية الدولية، كما يمثل اعتداء على المئات من الجرحى اليمنيين الذين ينتظرون نقلهم للحصول على العلاج.
لقد عانى المجتمع الدولي العديد من التجارب المريرة جراء الصمت على جرائم الاعتداء على القوانين والمواثيق الدولية، لذا فإن الصمت على جريمة الاعتداء على سفينة الإغاثة الإماراتية يعطي ضوءا أخضر لتكرار مثل هذه الجرائم.