عندما قرر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ تخصيص الثلاثين من نوفمبر سنوياً يوماً للشهيد، كان هذا القرار ترجمة لقيم الوفاء المتجذرة في منظومة القيم الانسانية والحضارية التي تشكل جزء محورياً المبادىء التي تأسست عليها دولة الامارات العربية المتحدة على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في الثاني من ديسمبر عام 1971.
قيمة شهداؤنا الأبرار في حياتنا أنهم بالفعل كما وصفهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ـ رعاه الله ـ بأنهم "مشاعل النور التي تبدد عتمة الطريق وصولاً إلى المستقبل المؤمل لأجيالنا الواعدة"، كما أنهم يمثلون "عظم رقبة" كما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أثناء أداء سموه واجب العزاء في أحد شهداء الامارات باليمن، حيث أكد سموه لذوي الشهيد "أخوك (الشهيد) وانتو عيالكم كلكم عظم رقبة"، وهو مفهوم يعمق العلاقة راسخة بين القيادة الرشيدة وشعبنا الوفي، فهي علاقة قائمة على رباط لاينفصم، فالقيادة لا تنظر إلى المواطنين كافة، باعتبارهم "عظم الرقبة" سواء في مستويات القربي أو على مستوى معيار الانتماء والارتباط ودرجات الارتباط والترابط التي لا تتوافر سوى بين الأهل وذوي القربي وصلات الدم.
وتؤكد الشواهد كافة أن القيادة الرشيدة تستشعر حجم العطاء والتضحيات التي يبذلها جنودنا البواسل في ساحات الواجب الوطني والشرف والفخر والمجد، حيث سطّر أبناء قواتنا المسلحة الباسلة، ولا يزالون، بدمائهم ملاحم المجد سواء في ساحات القتال أو على صعيد الدور الانساني والاغاثي الذي يشكل جزءاَ حيوياً من دورهم في اليمن دعماً لهذا الشعب الشقيق.
إن يوم الشهيد هو مناسبة زمنية تؤكد اصطفاف شعبنا الوفي على قلب رجل واحد خلف قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، فهو يوم وفاء الدولة لأبنائها الشهداء الأبرار، وهو يوم الالتحام الوطني ويوم التضحيات ويوم الفخر الوطني، فشهداؤنا الأبرار هم مبعث فخرنا وعزنا وقوتنا، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهم مصدر الهام يلهم أجيالنا الحالية والمقبلة بأن العطاء للوطن نبع يتجدد، وقيمة متوارثة من الأجداد والآباء، الذين بذلوا الكثير من أجل أن ننعم نحو بوطن آمن مستقر.
لقد تحول يوم الشهيد إلى يوم للوفاء للشهداء وتضحياتهم الوطنية العظيمة، وهو أيضاً يوم للاحتفاء بأمهاتهم وأسرهم وأولادهم، فلهم جميعاً الحق أن يفتخروا في هذا اليوم بأنهم ذوي قربى لهؤلاء الأبطال، فقد ضربت أم الشهيد في مختلف أرجاء الدولة المثل والقدوة في الثبات والصمود والايثار والولاء والانتماء، وكن عظيمات في مشاعرهن وتضحياتهن، واثبتن أنهن غرسن في الشهداء الأبطال قيم التضحية وحب الوطن منذ نعومة الأظافر، فكانت تضحياتهم وبذلهم الدماء والأرواح بمثابة ترجمة لما غرسته الأمهات العظيمات في نفوسهن وقلوبهن من حب للوطن واستعداد لا يتزعزع للدفاع عن مقدراته ومكتسباته وأمن واستقرار شعبه.
إن شهدائنا الأبطال كتبوا بدمائهم سطور محفورة في ذاكرة في هذا الوطن وتاريخه المعاصر، ولذا فإنهم سيظلون يمثلون نموذجاً للبذل والعطاء والولاء والانتماء، وكل قطرة بذلت في سبيل الوطن من دماء هؤلاء الأبطال تمثل سيمفونية حب لراية الامارات وترابها وقيادتها وشعبها؛ فجميع الشهداء الأبرار ـ طيب الله ثراهم، كانوا على يقين بأن الشهادة ستظل تاج على رؤوس أبنائهم وأهلهم وذويهم وشعب الامارات كافة، وعلى يقين بأن اسمائهم ستكتب بأحرف ساطعة من نور في سجلات الفخر والوطنية.
تاريخ الامارات وتضحيات أبنائها لم يبدأ على أرض اليمن الشقيق، وسجل أبنائها الشهداء على هذا الصعيد مضىء منذ تأسيس دولتنا الفتية 1971، كما تتنوع التضحيات وتتعدد القصص وسير الأبطال بتنوع أدوار قواتنا المسلحة الباسلة على الصعيد العسكري والانساني، ومشاركاتها المشرفة في مناطق عدة من الصومال وأفغانستان وكوسوفا ولبنان، وغيرها من المهام التي اثبتت فيها قواتنا المسلحة رسوخ مبادئها، وأنها مرآة لقيم هذا الشعب الوفي ومبادئه الانسانية المتحضرة.
يوم الشهيد، يوم الوفاء، فانعموا شهداؤنا الأبرار بتضحياتكم، ولنفخر جميعاً ببطولاتكم الوطنية، وليرفع أبنائكم وأمهاتكم وذويكم رؤسههم عالية خفاقة، فهم أهل الشهيد، هم أهل أبطال سيظلون دوماً في ذاكرة الوطن.