في رسالة الشكر التي وجهها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ـ رعاه الله" ـ إلى أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع بداية عام 2018، قال في الرسالة التي عنوانها "شكراً محمد بن زايد": قليلون من يعرفون أنه يعمل 18 ساعة في اليوم من أجل الإمارات.. قليلون من يعرفون أن مدة اجازته في العام لا تتعدى الأسبوع.. قليلون من يعرفون أن عشرات الملايين من الأطفال حول العالم يستفيدون من خيره وعطائه الذي يقدمه بهدوء ومن دون أي ضجيج .. قليلون من يرونه يسهر ليلاً مع جنودنا المرابطين .. ويراجع خطط التنمية نهاراً مع الخبراء والمسؤولين.. لتأمين مستقبل بلدنا لعشرات السنين .
لم تغب هذه الكلمات عن ذاكرتي وأثق أن هذه الكلمات وغيرها مما ورد في هذه الرسالة التاريخية يمثل عنواناً للحقيقة، وأن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لا يكل ولا يمل من العمل في خدمة شعب الامارات ورعاية مصالحه.
ما دفعني إلى كتابة هذه السطور الآن، هو أنني تابعت بكل دقة النشاط السياسي والوطني لصاحب السمو ولي عهد أبوظبي خلال فترة عطلة عيد الفطر المبارك، حيث استمتع غالبيتنا بهذه العطلة التي تخللها افتتاح بطولة كأس العالم وما يرتبط بها من تخصيص وقت كبير للمباريات ومتعة المشاهدة، وهذا ليس عيباً ولا شيء فيه، ولكن للقادة الذين يحملون مسؤولية شعوبهم تفكير آخر وخطط عمل لا تنقطع يجب تسليط الضوء عليها كي ندرك جميعاً حجم المسؤوليات الملقاة على كاهل قيادتنا.
على المستوى الوطني تواصلت جولات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، من اجل تقديم واجب العزاء في شهداء الوطن الأبرار، الذين ضحوا بحياتهم وجادوا بأرواحهم في سبيل تأدية واجبهم الوطني خلال مشاركة قواتنا المسلحة الباسلة ضمن عمليات قوات التحالف العربي في اليمن، حيث زار سموه مجالس العزاء في العين ورأس الخيمة ودبا الفجيرة، وقال إن "تضحيات شهدائنا تجاه وطنهم، تجسد أصالة أبناء الإمارات وقيمهم النبيلة التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، والمتأصلة بالعطاء والولاء والانتماء".
تقدير الدولة في أرفع مستوياتها لتضحيات الشهداء وما قدموه من نموذج للبطولة والفداء والفخر الوطني، إنما يؤكد وحدة الصف وأن الامارات تقف على قلب رجل واحد وتواصل مهمتها الوطنية بثبات نادر دفاعاً عن القيم والمبادئ وحرصاً على تحرير أبناء الشعب اليمني الشقيق وانعتاقه من زمرة الميلشيات الانقلابية الإيرانية، التي تسيطر على مقدرات الدولة اليمنية وتحول دون استثناف الحياة الطبيعية في هذا البلد العربي الشقيق.
في أول أيام عيد الفطر المبارك، لم تركن قيادتنا الرشيدة إلى الراحة، بل قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة رسمية في غاية الأهمية إلى اثيوبيا، وهي زيارة مهمة بكل مقاييس التحليل والادراك الاستراتيجي سواء بحكم أهمية العلاقات الإماراتية ـ الاثيوبية، أو بحكم أهمية اثيوبيا نفسها بكل ما تتمتع به من ثقل ومكانة استراتيجية متنامية في معادلات القوى الإقليمية في شرق القارة الافريقية، وفي مجمل القارة السمراء، التي بلغت استثمارات الامارات فيها نحو 11 مليار دولار عام 2016.
الامارات تريد كسب الوقت وتعزيز دورها ومكانتها الإقليمية والدولية، عبر تحركات دبلوماسية نشطة على مختلف المحاور وفي الاتجاهات كافة، واثيوبيا لديها قيادة جديدة على رأسها معالي الدكتور أبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا، الذي قام بزيارة الامارات خلال شهر مايو الماضي، ومن الواضح أن هناك إرادة مشتركة لدفع مستوى العلاقات بين البلدين وتعزيزها لما تمتلكه هذه العلاقات من فرص واعدة في مختلف القطاعات الحيوية، لاسيما أن الامارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" تولي أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع جمهورية إثيوبيا خاصة في ظل البيئة الاستثمارية الجاذبة فيها والتطور الاقتصادي الكبير الذي تشهده كما أكد صاحب السمو ولي عهد أبوظبي، والذي أشار أيضاً إلى "ثقته" في أن الفترة القادمة سوف تشهد نقلات نوعية مهمة في مسار العلاقات الإماراتية - الإثيوبية في المجالات كافة بفضل اتفاقات التعاون المهمة بين البلدين التي تغطي الجوانب الاقتصادية والتجارية والثقافية والتنموية وغيرها.. مؤكدا سموه أن المستوى الحالي للعلاقات الاقتصادية والتجارية يتطور وينمو ويتجه إلى الأفضل وأن هناك توافقا على ضرورة العمل على تعزيز علاقات الشراكة خلال السنوات القادمة.
زيارة رسمية مهمة إلى اثيوبيا استغرقت يومين، جاءت بالتوازي وبمتابعة تامة وكاملة لبطولات قواتنا المسلحة في تحرير مدينة الحديدة اليمنية، وهي بطولات سيظل التاريخ يذكرها بكل فخر وإجلال، فأبناء الامارات البواسل كانوا على موعد مع مواصلة جهودهم في تحرير التراب اليمني من دنس الانقلابيين الإيرانيين خلال أيام العيد، ولم ينهم أي شيء عن مواصلة دورهم القومي البطولي لسرعة تخليص أبناء اليمن من هذا الكابوس.
الامارات وقيادتها الرشيدة في مهمة تاريخية، وتدرك حجم التحديات التي تحيط بها اقليمياً ودولياً، وتبذل كل جهد ممكن من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والعمل التنموي في آن معاً بقوة دفع هائلة من بيت متوحد يصطف وراء قيادة تسهر بالفعل ليل نهار وتعمل من أجله من دون كلل أو ملل.