ربما لا يكون هناك جدال على أن أحد أخطر الإشكاليات التي تعانيها منطقتنا العربية، هي ضعف التنمية، وهي إشكالية ليست هينة ولا تقتصر آثارها وتداعياتها على مظاهر الفقر والمعاناة، بل تتمثل في "أعراض" أخطر مثل انتشار التطرف والإرهاب، حيث تتخذ تنظيمات الإرهاب من عوامل الضعف القائمة في بعض المجتمعات العربية منطلقًا لنشر أفكارها وجذب الشباب إلى الفكر "الجهادي" باعتباره "طوق الخلاص" كما توهم هذه التنظيمات أنصارها والمتعاطفين معها.
ما يضاعف من خطورة ضعف التنمية أن سكان الدول العربية غالبتيهم من الشباب، بل إن إحدى أعلى نسب الشباب ضمن مكونات التركيبة السكانية هي في منطقتنا العربية، حيث يبلغ عدد الشباب نحو 60% من السكان، البالغ عددهم نحو 400 مليون عربين وهي نسبة تفوق جميع النسب المناظرة عالميًا، حيث تبلغ نسبة الشباب على سبيل المثال في دول الاتحاد الأوروبي نحو 30%، وهذا الأمر يعد أحد هواجس المخططين الاستراتيجيين لمستقبل هذه الدول.
أن نبدأ اليوم أفضل من أن نبدأ غدًا، فمعدلات الخصوبة والزيادة السكانية في الدول العربية عالية للغاية، وتتوازى معها انحسار معدلات الوفيات لاسما بين الأطفال، وارتفاع متوسطات الأعمار، من هنا تبدو أهمية العمل التنموي في عالمنا العربي، ومن هنا أيضًا تبدو أهمية صانعي المستقبل من القادة الملهمين الذين ينيرون الدروب لشعوبهم ودولهم وأممهم.
يقف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ، رعاه الله، في مقدمة هؤلاء القادة العرب الذين يسهمون في صناعة المستقبل عبر صناعة النموذج التنموي الملهم.
ولقد جاء تكريم جامعة الدول العربية لسموه ومنحه جائزة "درع العمل التنموي العربي"، تعبيرًا جليًا عن بصمات سموه في مجال التنمية على الصعيد العربي؛ فهذه الجائزة تمثل تقديرًا عربيًا لجهود صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في مجال التنمية، فسموه يمثل قيادة عربية مهمومة بمستقبل أمتها، ولذا فهو يتحدث دائمًا عن استئناف مسرتنا الحضارية، ولا يكتفي بالحديث والدعوات الكلامية، بل يطلق مبادرات وخطط عمل ويخصص البرامج والمنح التنموية للإسهام الجاد في ترجمة أفكاره على أرض الواقع.
عندما قال سموه في تصريح له عقب إعلان فوزه بالجائزة إن "عالمنا العربي اليوم بحاجة إلى ثورة في أساليب العمل الإداري، وتغيير في أنماط التفكير التقليدية، ورؤية واضحة لتطوير المنظومة الحكومية"، فقد كان يتحدث بلسان عشرات الملايين من الشباب الذين يرون في الامارات نموذجًا وحلمًا يتطلعون للعيش فيه.
فالتنمية تبدأ بجودة التخطيط وامتلاك رؤية واضحة للمستقبل، لذا يقول سموه "تطوير أنظمة الإدارة الحكومية هي أكبر خدمة يمكن أن يقدمها الإنسان لوطنه ومجتمعه وأمته، لأن تطويرها يحقق قفزات لكل مجالات الحياة"، واعتبر أن هناك مسؤولية تاريخية تقع على عاتق الامارات في نقل تجربتها التنموية الملهمة إلى من يريد الاستفادة منها في عالمنا العربي.
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قائد طموح ينطلق من فكر ورؤية ويؤمن بالعمل ويدرك أن التنمية هي أساس بناء الدولن وأن الانسان هو أساس التنمية، وتلك هي مبادئ وأسس مدرسة القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وهي قيم ومبادئ تمضي على نهجها قيادتنا الرشيدة ونجحت من خلالها في تحويل الامارات إلى نموذج ابداعي ملهم يحتذى به للعمل والنجاح وتوظيف الموارد في عالمن العربي، ويترجم في مراكز الصدارة والتنافسية العالمية التي تحتلها دولة الامارات طيلة السنوات الأخيرة في مختلف مجالات التنمية البشرية.