في يوم السابع عشر من سبتمبر 2001، أي بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر بأيام قلائل، أبلغ المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن موقف دولة الامارات الرسمي حيال الإرهاب مؤكداً له أن "الإرهاب بغض من وجهة نظر الإسلام، والديانات السماوية الأخرى، وهو عدو لدود للإنسانية جمعاء"، وقد كان هذا الموقف التاريخي تجاه الإرهاب هو الأساس لموقف دولة الامارات الراسخ تجاه هذه الظاهرة الاجرامية، وكان أساساً لدور إماراتي نشط وفاعل في الحملات الدولية المتتالية لمكافحة الإرهاب منذ عام 2001.
حيث أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ هذا الموقف في قوله عام 2005 "موقفنا من الإرهاب ثابت، ومساهمتنا في الحرب عليه مستمرة، لأننا نؤمن أن الإرهاب آفة عالمية خطيرة، تضرب على غير هدى وعلى أساس رؤية ظلامية ضيقة، وضمن هذا الفهم للإرهاب وخطورته، فإننا ندعو إلى تجفيف المنابع التي تمده بالحياة، ونعني بذلك التوترات الدولية والفقر والجوع، التي تشكل في مجموعها بيئة احباط يمكن استغلالها من قبل المتطرفين والإرهابيين، ومع إننا لا ننكر الأثر الذي تركته الجهود الأمنية، التي بذلت في أكثر من دولة لمحاربة الإرهاب، فإن المطلوب إيجاد مقاربة سياسية موازية هدفها قطع الطريق امام الإرهابيين لاستغلال النزاعات الإقليمية، وحالة عدم الاستقرار الدولي، لتوفير غطاء لأعمالهم الإجرامية وأساس لممارساتهم الإرهابية".
من هنا يتضح أن دولة الامارات تمتلك منذ عام 2001 وما قبله رؤية استراتيجية شاملة بخصوص التهديد الإرهابي، وتقوم هذه الرؤية على ركائز عدة منها ان الإرهاب ظاهرة عالمية لا تنتمي لأي دين أو جنسية او دولة ما بل هي ظاهرة إجرامية لا دين ولا هوية لها، وهو ظاهرة إجرامية دخيلة على الدين الإسلامي الحنيف، حيث اختطفت تنظيمات الإرهاب الحديث باسم الدين ورفعت شعارات تسئ للإسلام، الذي يدعو للتسامح والوسطية. وقد دعت الامارات مراراً، ولا تزال، إلى ضرورة الفصل بين الإسلام والإرهاب، وإلى ضرورة التوحد عالمياً في مواجهة هذه الظاهرة الدنيئة، وتجنب الانزلاق إلى فخ صراع الأديان والحضارات الذي يروج له الإرهابيين المحسوبين على الدين الإسلامي وكذلك المتطرفين في الغرب. كما تقوم هذه الرؤية كذلك على عالمية التهديد الإرهابي، باعتباره الخطر الأول الذي يهدد الأمن والاستقرار العالمي كما يهدد أيضاً التعايش الذي يمثل ركيزة للكثير من الدول، ويعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي للدول والمجتمعات بما يبثه من سموم بين اتباع مختلف الطوائف والأديان. كما تقوم هذه الرؤية الاستراتيجية على ان الحرب ضد الإرهاب هي حرب كونية ممتدة يجب ألا تعتمد على الجانب الأمني والعسكري فقط بل يجب أن تكون على مسارات متوازية أمنية ـ فكرية ـ ثقافية ـ تعليمية ـ إعلامية ـ اقتصادية... الخ، وأن أي استراتيجية لاستئصال هذه الظاهرة لن تحقق أهدافها مالم تنجح في ملاحقة تمويل الإرهاب والتصدي للدول التي تسهم في دعم وتمويل الإرهاب وتنظيماته واستضافة رموزه وقادته وتوفير المأوى والدعم اللوجستي والمادي لهم.
وقد كان لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مؤخراً مع الجنرال رحيل شريف القائد العسكري للتحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، مناسبة لتأكيد موقف دولة الامارات حيال الإرهاب، حيث أكد سموه خلال اللقاء على أهمية الجهود المشترك والعمل الجماعي المنظم للتعامل مع خطر الإرهاب وتداعياته وتجفيف منابعه واجتثاثه من جذوره، مشيراً إلى دولة الامارات تواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين للتصدي للجماعات الإرهابي وكل الأفكار المتطرفة التي تنشر الفوضى والاضطرابات في العالم.
بعد سبعة عشر عاماً من اعتداءات 11 سبتمبر وانطلاق الحرب الدولية ضد الإرهاب، يتأكد للعالم مدى صلابة وثبات موقف دولة الامارات في حربها ضد الإرهاب، فلم تتلون ولم تتغير، ولم توظف الإرهاب لتحقيق مصالحها كما تفعل بعض الدول الراعية للإرهاب، والتي استخدمت تنظيماته وجماعته في محاولة تنفيذ اجندتها السياسية الإقليمية، ولو على حساب شعوب دول عربية عدة!
الثبات على المبادئ والقيم الأصيلة من شيم دولة الامارات وقيادتها الرشيدة، وهو موقف راسخ نجده في مشاركة الدولة بفاعلية في الحرب ضد "داعش"، ونجده في ملاحقة إرهاب الحوثي والقاعدة في اليمن، ونجده في دعم الامارات لدول عربية شقيقة تتصدى لخطر الإرهاب على أرضها.