جاء إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عن إطلاق مشروع وطني لابتكار وتصميم شعار يعكس الهوية الإعلامية لدولة الامارات، بمنزلة خطوة مهمة للغاية في إطار "تسويق" وترويج قصة النموذج الاماراتي الملهم تنموياً ونشر الدروس المستفادة منه عالمياً واقليمياً كي تستفيد منها مختلف دول وشعوب العالم، أو كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم "هذه قصتنا التي تستحق أن نرويها للعالم".
الامارات هي قصة نجاح بامتياز منذ تأسيسها، وبين سطور هذه القصة ومراحلها التاريخية وجنباتها المختلفة، قصص وحكايات ودروس وعبر تستحق التوقف عندها ملياً، ومن يقرأ عن تاريخ الامارات وأحوالها التنموية والمعيشية قبل الثاني من ديسمبر عام 1971، حين نجح القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في توحيد جهود الآباء المؤسسين وإعلان قيام دولة الاتحاد، ومن يتابع تفاصيل القصة التي تمضي مشاهدها امام أعيننا اليوم في انبهار واعجاب، يدرك تماماً أن بين المشهدين قصص كفاح وإرادة وعزم وتخطيط وقناعات وإيمان بالمبادئ والقيم التي تأسست بموجبها الدولة؛ فالانتقال من مشهد الصحراء الخاوية إلى صدارة مؤشرات التنافسية العالمية في أكثر من عشر قطاعات تنموية لم يتحقق بالمصادفة أو عبر ضربة حظ، بل بعناء وتخطيط دقيق ورؤى استراتيجية واعية وجهد هائل مستمر طيلة السنوات والعقود الماضية منذ إعلان قيام الدولة.
صحيح أن الامارات تمتلك ثروة نفطية كبيرة والحمد لله، ولكن من يطالع أحوال العالم يدرك تماماً أن ثمة دول كثيرة انعم الله عليها بالثروات النفطية والغازية والتعدينية وثروات طبيعة أخرى متنوعة تراوح بين الزراعة ومقومات السياحة والصناعة والصيد وغير ذلك من موارد يمكن أن تدر دخول هائلة، ولكن شعوبها لا تزال تكافح الفقر والمرض والبطالة وسوء الأحوال المعيشية لأسباب وعوامل تختلف من حالة لخرى ولا مجال لمناقشتها في سياقنا هذا، ولكن المقصود هو أن الثروات الطبيعية، رغم أهميتها الفائقة في التنمية وتحقيق التقدم، فإنها ليست العامل الأوحد ولا الوحيد في ما وصلت إليه إمارات زايد الخير من تطور وتقدم وازدهار حتى باتت تطلع إلى الرقم (1) عالمياً.
المقصود أيضاً أن هناك قصة وهناك رواية تستحق ان يستمع إليها العالم ويستفيد من دروسها، فالإمارات تدرك تماماً أن عليها دوراً ومسؤولية عالمية في نشر القيم والمبادئ وصناعة الأمل ونشر الإيجابية والتفاؤل في زمن لم تعد فيه منطقتنا الشرق أوسطية تذكر سوى من خلال أخبار الحروب والصراعات والقتل والذبح والأزمات، حتى أصبحت هي والأزمات وجهان لعملة واحدة.
من حق العالم أن يعرف كيف تحولت صحراء جرداء إلى واحة للأمن والأمان وبناء الانسان القادر على استكشاف الفضاء، وتبني سياسات قائمة على الذكاء الاصطناعي والتميز والابداع والتنافسية والابتكار، بل وقيادة قاطرة العالم المحركة لهذه الثقافة الجديدة، وأصبح لديها سمعة دولية وثقل استراتيجي ومكانة مرموقة بنجاحها في بناء صورة ذهنية ناصعة البياض ترتبط بالمساعدات الإنسانية والخيرية والدعم الذي تقدمه لملايين البشر حول العالم أثناء الأزمات والكوارث الطبيعية والصراعات العسكرية من دون تفرقة بين لون وجنس وعرق. الامارات أيضاً باتت مرتبطة بالقيم والمبادئ والدعوة للتعايش والتسامح والأخوة الإنسانية وصارت نموذجاً عالمياً في التآخي الإنساني والتعايش بين بشر يحملون أكثر من مائتي جنسية وأديان وثقافات لا حصر لها حيث يسهمون في مسيرة التقدم الإنساني والحضاري، ويحلمون بغد أفضل وبامتلاك القدرة على استنساخ نموذج الامارات ونقله على مجتمعاتهم وشعوبهم ودولهم.
هوية الامارات تعني مأسسة جهودنا لتسويق وترويج والتخطيط للمستقبل مع الشركاء والأصدقاء، وتعني أيضاً أن يكون لدينا رمز ينطوي على قيمنا ومبادئنا، فالشعوب التي تمتلك موروثاً حضارياً وانجازاً آنياً تفاخر وتباهي به العالم والأجيال يجب أن يكون لديها هوية إعلامية واضحة يشار إليها بالبنان، والامارات لديها جميع مقومات النموذج العالمي الذي يستحق أن يتفرد بهوية عالمية قابلة للتسويق والترويج وبحيث تصبح طاقة نور جديدة ومصدر تحفيز والهام للشعوب والمجتمعات الأخرى.
الامارات أرض الفرص الجديدة في القرن الحادي والعشرين وحلم زايد وحلم عشرات الملايين من شباب العالم والعرب الذين يتوقون للعيش فيها، تستحق أن يكون لديها هوية إعلامية مميزة تٌصاغ بأيدي 49 مبدعاً من أبنائها من فنانين وأدباء ومصممين من إمارات الدولة المختلفة كي تكتمل قصة الوطن وتعبر عن كل جنباته وكل مرحلة في تاريخه المجيد.
هوية الامارات هي قصة وطن سيرويها أبنائه للأجيال، لترى كيف تتجسد الاحلام والطموحات وتحلق بعيداً في الفضاء.