تشير كل ممارسات إيران وسلوكها السياسي والأمني إلى أنها تستنسخ التجربة الكورية الشمالية في التعامل مع الولايات المتحدة وتمضي على خطاها خطوة بخطوة!
أحدث الدلائل على ذلك برزت من تصريحات صادرة عن وزارة الخارجية الإيرانية قالت فيها إن إيران "سترد بقوة" إذا صنفت الولايات المتحدة قوات الحرس الثوري على قوائم الإرهاب، وقالت بيان الخارجية الإيرانية أن الرد سيكون "ساحقاً" من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
من المعتاد طيلة السنوات الماضية أن نسمع هذه اللهجة الحاد من قادة وممثلي الحرس الثوري، ولكن اللافت أن الخارجية الإيرانية هي من تتوعد برد ساحق هذه المرة!
توقيت التصريح جاء وسط تقارير غير مؤكدة عن التوجه نحو إدراج الحرس الثوري الإيراني على قوائم الإرهاب، كما يأتي قبل أيام من إعلان الرئيس ترامب عن موقفه حيال الاتفاق النووي الإيراني، ما قد يشير إلى أن الملالي يريدون "ردع" البيت الأبيض عن تبني موقف حاد سواء تجاه الاتفاق أو الحرس الثوري.
المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي اعتبر في تصريحاته أن سحب الثقة من الاتفاق النووي بمنزلة "خطأ استراتيجي" داعياً الرئيس ترامب إلى تجنبه، وقال قاسمي موجها حديثة للرئيس ترامب "لو فعلت ذلك، فإن رد فعل إيران سيكون حازما وحاسما وساحقا، ويجب على الولايات المتحدة أن تتحمل جميع عواقبها"
إدراج الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية على القوائم الأمريكية سيكون ورقة ضغط هائلة على النظام الإيراني، إذ تعني حظر كل أنشطة هذه الميلشيات في العراق وسوريا، وتدرجها ضمن الأهداف المشروع لقوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة في سوريا، فحتى الآن لم تدرج الولايات المتحدة الحرس على قوائم الإرهاب واكتفت بإدراج أفراد وكيانات مرتبطة به ضمن القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. ولا شك أن فرض عقوبات أمريكية على "الأنشطة الخبيثة"، كما وصفتها الإدارة الأمريكية، للحرس الثوري الإيراني في الشرق الأوسط، سيؤثر على دور ميلشيات الحرس في العراق وسوريا.
وكالات الأنباء نقلت عن قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري قوله تعليقاَ على ذلك "لو صحت الأنباء عن ارتكاب الحكومة الأمريكية حماقة فيما يتعلق بتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، فإن الحرس الثوري سوف يعتبر الجيش الأمريكي مثل تنظيم الدولة الإسلامية في جميع أنحاء العالم".، مشيرا إلى أنه سيتعين على الولايات المتحدة نقل قواعدها العسكرية الإقليمية (قاعدتي العديد والسيلية في قطر) خارج مدى صواريخ الحرس الثوري الذي يصل إلى ألفي كيلومتر.
مؤشر الخلاف بين إيران والولايات المتحدة يتصاعد بوتيرة متسارعة منذ أن القى الرئيس ترامب كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، حيث وصف إيران بـ "الديكتاتورية الفاسدة"، والاتفاق النووي الذي وقعه سلفه باراك أوباما بأنه "ارتباك". ويبدو أن استهداف الحرس الثوري مباشرة هذه المرة ربما يكون أحد خيارات إدارة ترامب لرد على التجارب الصاروخية الإيرانية التي تعكس غباء مفرطاً في صناعة القرار بتزامنها مع تجارب كوريا الشمالية، ما يدفع أي عاقل للربط بين الحالتين اللتان تمثلان استفزازاً كبيراً وتحدياً واضحاً للمجتمع الدولي.
ورغم اللهجة الخطابية التصعيدية بين نظام الملالي والمسؤولين الأمريكيين، فإن المؤشر الأشد خطورة حتى الآن يتمثل في التوجه الخاص بتصنيف الحرس الثوري الإيراني ضمن المنظمات الإرهابية.
يشكك محللون وخبراء كثيرون في إمكانية الغاء الاتفاق النووي مع إيران، ويرون أن الكونجرس لن يوافق على فتح جبهتي صراع مع إيران وكوريا الشمالية في وقت واحد، وهذا كلام مطروح للنقاش بالفعل، ولكن بالمقابل إيران يمكن أن تكون الضحية التي تخيف بها الإدارة الأمريكية كوريا الشمالية، فضلاً عن أن أكثر ما يزعج الجانب الأمريكي أن الملالي يمضون على درب كوريا الشمالية تماماً، ويستنسخون أسلوبها في إدارة الأزمة مع الجانب الأمريكي اعتماداً على سياسة "حافة الهاوية" حيث ينطلقون من الفكرة القائلة بأن الولايات المتحدة ليست في وارد تبني قرار حرب ضد دولة تمتلك قدرات عسكرية غير تقليدية.
تحليل سلوك ملالي إيران يؤكد اعجابهم بنهج كيم جونج اون في إدارة العلاقات مع واشنطن، وهنا تبدو المغامرة بعينها، فالبيئة السياسية للأزمة مختلفة في الحالتين، وكوابح التصعيد العسكري الأمريكي في الحالة الكورية الشمالية موجودة وبقوة، وغائبة تماماً بالنسبة لإيران التي تعتمد فقط على الضغط الروسي للحيلولة دون تعرضها لضربة عسكرية أمريكية، وهذه مسـألة غير مضمونة فربنا تفضل موسكو الإيقاع بالجانب الأمريكي في فخ الصدام مع إيران!