فاقت الاحتفالات الشعبية في دولة الامارات بيوم العَلم، الذي يوافق الثالث من نوفمبر من عام، كل التصورات والتوقعات، حيث تحول هذا اليوم منذ إطلاق المبادرة من جانب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في عام 2013، إلى مناسبة وطنية تجمع كل من يعيش على أرض دولة الامارات، مواطنين ومقيمين، تحت راية واحدة، تجمعهم مشاعر واحدة من الولاء والانتماء للأرض والوطن والقيادة الرشيدة، التي تعمل ليل نهار على إسعاد هذا الشعب، وكل من يعيش على أرض الإمارات.
لم يعد "يوم العَلم"، احتفالاً رسمياً فقط، بل مناسبة شعبية للحب والمشاعر الوطنية الفياضة التي تجيش بها الصدور، فالمواطنين يعلقون الاعلام فوق بيوتهم، والمقيمين كذلك، وترى العَلم الوطني منتشر بشكل لافت للانتباه يجسد كم الحب والشعور بالانتماء لوطن وفر السعادة لكل من يعيش على أرضه.
ليس مصادفة أن يترادف اسم الامارات مع الرخاء والازدهار والاستقرار والأمن والتسامح والوسطية والاعتدال، وهذه المفاهيم تمشي على الأرض في الامارات ولا تختفي بين سطور الكتب وليست أسيرة للبيانات الرسمية والتصريحات الصحفية، فهي في الامارات ممارسات يجسدها الواقع، فلا فرق بين البشر سوى ما يقدمونه من اجل رفعة الامارات وارتقائها وتعزيز تنافسيتها بين الدول والأمم.
وإذا كان الاحتفاء بالعَلم مسألة مهمة للغاية في دول العالم المتقدمة، فإنها في دولة الامارات باتت مسألة ترمز ليس فقط لهيبة الدولة وهويتها، بل للتعبير عن الحب والانتماء والالتفاف حول القيادة، وتلك مسألة مهمة للغاية لأنها مثل هذه الاحتفاليات والفعاليات الوطنية تمثل أداة تناقل الثقافة الوطنية بين الأجيال، فأجيالنا الشابة باتت تدرك مدى حب الآباء لوطنهم تنشئ في إطار محصن ضد أي فكر غريب أو معاد للوطنية والأوطان، وتلك قيمة مهمة للغاية لاسيما والعالم اجمع، وبالأخص منطقتنا العربية والإسلامية، تعاني صراعات وأزمات تستهدف هوية الشعوب والدول.
العلم هو رمز الهوية والكبرياء الوطني، وهو رمز وطني لا يمكن التفريط فيه أو المساس به، فهو جزء لا يتجزأ من الكرامة والكبرياء الوطني للدول والشعوب كافة، وفي دولة الامارات تحديداً نشعر، كمواطنين، بأن لعَلم دولتنا أهمية استثنائية، فهو راية دولة توفر لنا كل أسباب الحياة، وتعتبر نموذجاً عربياً إسلامياً لمقدرة الانسان العربي المسلم على الإنجاز والنجاح والتفوق.
وليس غريباً أن نحتفل هذا العام بيوم العَلم تزامناً مع مناسبتين كبيرتين أولهما إطلاق أول قمر صناعي إماراتي يصنع بأيد إماراتية مائة بالمائة، القمر الصناعي "خليفة سات"، وهو بالمناسبة ليس القمر الصناعي الأول، بل العاشر، ولكن دولتنا تحتفي به بشكل خاص لأنه صناعة وطنية بأيدي مهندسين إماراتيين، وتم اطلاقه مؤخراً بنجاح من مركز "تانيغاشيما" الفضائي في اليابان.
ويدشن هذا القمر المتقدم مرحلة جديدة للإمارات في صناعة الفضاء، وبناء بنية تحتية تكنولوجية متطورة لهذه الصناعة التي تعد أحد رهانات العالم للثروة خلال مرحلة الثورة الصناعية الرابعة بتطبيقاتها التي تتمحور في مجملها حول التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي و"الروبوت" وتكنولوجيا الفضاء والطباعة ثلاثية الأبعاد وغير ذلك من تطبيقات تحمل معها طفرة هائلة ستعيد ترتيب الدول اقتصاديا ومعرفياً وتنموياً.
ثاني الإنجازات التي تواكبت مع يوم العَلم يتمثل في تحقيق جواز السفر الاماراتي قفزة كبيرة في أحداث تصنيف عالمي يعتمد على قياس قوة جوازات السفر بناء على عدد الدول التي يمكن أن يدخلها حامل الجواز من دون الحصول على تأشيرة مسبقة، حيث صعد جواز السفر الاماراتي إلى المرتبة الرابعة عالمياً بحسب تصنيف موقع "باسبورت ايندكس" المتخصص.
نجاحات كبيرة وهائلة تحققها الامارات في مختلف مجالات التنمية على مدار العام، فدولتنا تسابق الزمن، وتمتلك رؤية واضحة لتعزيز تنافسيتها العالمية والوصول إلى أفضل قائمة الخمس الأفضل عالمياً بحلول عام 2021، أي بعد خمسة عقود من تأسيس دولة الاتحاد، التي أراد لها القائد المؤسس المغفور به بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان ـ طيب الله ثراه، أن تكون دولة رائدة في توظيف مواردها الطبيعية لمصلحة مواطنيها.
وقد كان له ما أرادـ سواء بفعل الأساس المتين والنهج الراسخ الذي دشنه ـ طيب الله ثراه ـ في مرحلة التمكين ـ أو بفعل مواصلة مسيرة الخير والعطاء والانجاز والتفوق والابداع والتميز في مرحلة التمكين التي يقودها بحكمة واقتدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله.
يوم العَلم يوم رد جزء من الجميل، والتعبير عن الحب والولاء الجارف لدولة تفيض بالخير على كل من ينتمي إليها ويقيم على أرضها، ولقيادة تسهر وتواصل العمل ليل نهار من أجل إسعاد أبناء الامارات، فليبقي عَلمَنا شامخاً عزيزاً أبياً كشموخ الامارات وعزة شعبها، ودامت الامارات فخر لأبنائها ولكل العرب.