لا أدرى لماذا يعتري الجانب الإيراني الغضب لمجرد أن تتحدث دول مجلس التعاون عن مصالحها ومتطلبات الأمن والإستقرار الإقليمي؟
من يقرأ الموقف الأخير المتضمن في البيان الصادر في ختام أعمال اجتماع الدورة الـ152 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بمدينة الرياض ، يدرك مدى تنامي حساسية النظام الإيراني تجاه دول الجوار،
هذه الحساسية تتفاقم رغم كل إدعاءات النظام الإيراني عن أهمية الحوار في تسوية التوترات الإقليمية والتفاهم بين دول الجوار!
المؤكد أن من حق دول مجلس التعاون أن تشعر بالقلق إزاء سلوكيات إيران ومواقفها، لاسيما في ظل إستمرارية هذه السلوكيات والمواقف وتصاعدها منذ عام 1979 وحتى الآن
ناهيك عن حرص النظام في طهران على التمدد والتغول وإشعال الأزمات ومحاولة إيقاع دول الجوار في إشكاليات وتوريطها في أزمات تشغلها عن مواصلة عملية التنمية
لماذا تغضب طهران من مطالبة دول مجلس التعاون بالتعاطي الجدي مع التحدي الذي تمثله إيران لدول المنطقة، ليس فقط بملفها النووي ولكن ايضاً بتسليح الميليشيات والتهديد بالصواريخ
أليس هذا حقيقياً؟ ألا تمثل الصواريخ والمسيرّات الإيرانية تهديداً للجميع في منطقتنا أم أننا مدعوون لتصديق مزاعم تطويرها في مخابىء الحوثي الجبلية؟
الواقع يقول أن دول "التعاون" لم تطالب ـ مثلاً ـ بتصعيد أو موقف دولي ضد إيران، بل تطالب بالتهدئة والتعاون والإلتزام بالقوانين الدولية
يقول وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان "يجب أن يكون حوارنا وتواصلنا مع #ايران مبنياً على موقف خليجي موحد ندعوها من خلاله، للتهدئة، والتعاون، والإلتزام بمبادئ الشرعية الدولية، وحسن الجوار حتى نصبح قادرين على العمل سوياً لتحقيق خططنا التنموية
اللافت في الأمر كله أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده يقول إن "إصدار مثل هذه التصريحات النمطية يتعارض مع مبادئ حسن الجوار وليس له وظيفة خاصة سوى خلق أزمات إقليمية ويأتي لإجهاض المساعي والتحركات الدبلوماسية للجمهورية الإسلامية مع دول الجوار
يبدو المتحدث الايراني كمن يضع العربة قبل الحصان وهو يتحدث عن تسليح الجيوش الخليجية متجاهلاً أن بلاده هي السبب الرئيسي والأوحد في هذا التوجه
تصريحات زاده تضمنت أحد مظاهر الصلف والاستكبار الإيراني، فهو يقول إن" الإتفاق النووي واضح في تحديد الدول الملتزمة به"، وهذا صحيح ظاهرياً، ولكن من قال أن هناك إلتزام بالإتفاق من دولته أساساً؟
ثم من قال أن هذا الإتفاق لا يزال في حالة تسمح بالحديث عنه من الأساس، فدول مجلس التعاون تتحدث عن أي "مفاوضات مستقبلية" وليس عن اتفاق بات في حالة موت "سريري" سواء بإنتهاكه من الجانب الإيراني أو الإنسحاب منه أمريكياً!
مظهر آخر من مظاهر الصلف يكمن في الحديث عن #الجزر_الإماراتية الثلاث المحتلة (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى"، فالمتحدث الإيراني يزعم أنها "جزءا لا يتجزأ وأبديا" من الأراضي الإيرانية، ويرفض "أي مطالب" بهذه الجزر
الخلاصة أن الخروج من معضلة التوتر المزمن في منطقة الخليج العربي يبدأ وينتهي عند تغيير سلوك النظام الإيراني، فهو المسبب الرئيسي للتوترات والأزمات، وهو أيضاً من يستطيع نزع فتيلها، بتغيير سلوكه والكف عن التدخلات التوسعية واثارة القلاقل ونشر الفوضى.
#الامارات