تؤكد الشواهد أن مفاوضات فيينا قد وصلت إلى طريق مسدود رغم عدم الإعلان رسمياً عن فشلها حتى الآن
حيث بدا ما يمكن تسميته بالنقد المحسوب الذي وجهه مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية إلى إيران
وكأنه التحذير الأخير لطهران قبل طي صفحة المفاوضات والإنتقال إلى الخطة "B".
نقد الوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة ركز على عدم تعاون طهران، كونها لم تقدم إيضاحات كافية بشأن العثور على آثار لمواد نووية في ثلاث مواقع غير مصرّح عنها
الواضح ـ حتى الآن ـ أن هناك آمال دولية لاتزال معلقة بالإتفاق النووي، فرغم أن إيران قد أعلنت أنها ستزيل 27 كاميرا مراقبة من منشآتها النووية، عقب موقف مجلس محافظي الوكالة الأخير
فإن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، قد حذر من أنه إذا لم تتم إستعادة الكاميرات في غضون ثلاثة إلى أربعة أسابيع، فسيكون ذلك بمثابة ضربة قاتلة للإتفاق النووي
فيما اعتبر وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن أن قرار إيران إغلاق الكاميرات سيقوض الجهود المبذولة لإحياء الإتفاق النووي الموقع عام 2015
ما يعني أن الآمال لم تتبدد بعد بشأن هذا الإتفاق. وما يؤكد ذلك أن كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، قد حثت، بشكل منفصل، طهران على "القبول الآن بشكل عاجل بالتسوية المطروحة على الطاولة"
الواضح أن الغرب لا يزال يتعلق بآمال إحياء الإتفاق، وأن إيران تدرك أن موقف مجلس محافظي الوكالة ليس سوى خطوة تكتيكية تستهدف الضغط عليها للقبول بما تم التوصل إليه في فيينا
طهران لن تتنازل بل ستتجه ـ على الأرجح ـ للتصعيد وإتخاذ إجراءات مضادة، في إطار لعبة شد وجذب جديدة يبدو موقف الجانب الغربي فيها ضعيفاً نسبياً
هناك تقارير غربية تتحدث عن الانتقال أمريكياً إلى الخطة "B"، وهي خطة كُثر الحديث عنها منذ عام مضى، وجاء الحديث في معظمه كرسائل تحذير مبطنة للجانب الإيراني
الأمر هنا لا يتعلق بوجود خطة بديلة في حال فشل سيناريو التفاوض لأن هذا يعد مسألة بديهية في التخطيط الإستراتيجية لقوة عظمى مثل الولايات المتحدة
ولذلك فإن النقاش لا يتعلق بوجود الخطة من عدمه، بل يفترض أن يتمحور حول طبيعتها وفرص نجاحها في ضوء التجارب الحالية والسابقة.
التسريبات الإعلامية، وكذلك تحليل المعطيات، يشيران إلى أن الخطة البديلة تعتمد بشكل أساسي على تعزيز العقوبات المفروضة على إيران، وهذه هذه المسألة الأكثر احتياجاً لنقاش واقعي لأن مافعلته إيران طيلة السنوات الماضية قد تم في ظل مظلة العقوبات
السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد اردان تحدث من قبل عن أن التقدير الخاص بعودة إيران للإتفاق النووي الموقع عام 2015 قد تراجعت من نحو 80% إلى 30%، وفي ظل الأوضاع الراهنة وبعد مرور فترة ليست قليلة، فإن الثلاثين بالمائة قد تلاشت تقريبا
أصبح توقع إحياء الإتفاق النووي بمنزلة تقدير لا يمكن إستبعاده ولكن لا تدعمه الوقائع والشواهد.
الرسالة الرئيسية الواردة من الولايات المتحدة هي أنه إذا لم يتم إحياء الإتفاق النووي، فإن إدارة بايدن ستفرض المزيد من العقوبات على إيران، وهي رسالة لا تخيف طهران ولا ترعب نظامها، رغم أن العقوبات القائمة بالفعل لها آثار عميقة لا يمكن إنكارها على الإقتصاد الإيراني
ولكن مراكمة خبرات التعامل مع هذه العقوبات والإعتياد عليها أمور تدعم موقف النظام، ولن تدفعه لتغيير سلوكه ما لم يحصل على ما يريد، لاسيما أن الهاجس الأكبر لطهران غائب عن أدوات التفاوض، وهو حصول حالة من التوافق الدولي بشأنها
وهذه مسألة باتت مستبعدة تماماً في ضوء الوضع الجيوسياسي العالمي الراهن، بالاضافة إلى غياب "التلويح بالعصا"، الذي كان السيناريو الأكثر قلقاً للإيرانيين في فترات زمنية سابقة
#ايران #اسرائيل #النووي