تثير الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة في أربيل تساؤلات عدة بالنظر إلى حجم هذه الضربات وأهدافها، لاسيما أنها تزامنت مع هجمات سيبرانية هي الأكبر ضد البنية التحتية الإلكترونية لمنشآت حكومية إسرائيلية عدة
التقارير الإعلامية الإيرانية تتساءل عما إذا كان هجوم أربيل الصاروخي مقدمة لضربة أكبر في الجولان أم ان إيران تستعد لتوجيه ضربة في العمق الإسرائيلي
الجنرال كينيث ماكنزي قائد القيادة المركزية الأمريكية، التي تضم إسرائيل، قال مؤخراً خلال جلسة إستماع عقدتها لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إن إيران تمتلك 3000 صاروخ باليستي من أنواع مختلفة، وجزءاً منها قادر على الوصول إلى عمق إسرائيل وضرب تل أبيب،
هذه التطورات ليست مفاجئة لمراقبي الشأن الإيراني ، ولكنها تطرح تساؤلات عدة مشروعة أولها يتمحور حول كيفية الحد من التهديد الإيراني
والأهم من ذلك سبل لجم إندفاع #إيران لمراكمة ترسانات التسلح وتوجيه مواردها كافة لتطوير الأسلحة التي تقوم بتوزيعها على الميلشيات الموالية لها في دول المنطقة.
من وجهة نظري فإن إيران تسعى إلى بناء توازن رعب مع #إسرائيل ، وهذا التوازن لا يقتصر ـ من وجهة نظر طهران ـ على الداخل الإيراني، بل يمتد ليشمل حلفائها الإقليميين في لبنان والعراق واليمن
بمعنى شل قدرة إسرائيل على تهديد أو توجيه اي ضربات ضد "حزب الله" تحديداً و إرغام إسرائيل على وقف عملياتها العسكرية في سوريا و #العراق
أعتقد أن إيران لن تغامر بالمضي في لعبة استفزاز إسرائيل، ولكنها قد تذهب ـ كعادتها ـ إلى حافة الهاوية وممارسة لعبة "عض الأصبع" التي يفضلها ملالي إيران، بمعنى أنها ستقابل أي تحرك إسرائيلي خلال الفترة المقبلة برد مماثل وربما أقوى وبشكل سريع وجريء
من المهم للغاية أن ندرك أن الخطورة لا تكمن فقط في قيام إيران باستهداف إسرائيل أو غيرها بشكل مباشر أم لا، بل الأهم ـ برأيي ـ هو أن إيران تكتسب المزيد من الجرأة والقدرة على توجيه الضربات المباشرة والفاعلة بحكم تطور ترسانتها من الصواريخ الباليستية والمسيرّات
، وتستغل في ذلك عدم وجود خطوط حمراء أمريكية لحماية مصالح واشنطن وحلفائها، بل إن طهران باتت ـ بعد أزمة اوكرانيا ـ على يقين من أن الولايات المتحدة لن تخوض حرباً لحماية الحلفاء ولن تتدخل عسكرياً ما لم يتضرر أمنها القومي بشكل مباشر
علينا أن نتذكر جيداً ان الضربات الصاروخية الإيرانية الأخيرة لم تنفذ من خلال وكلاء بل انطلقت من الأراضي الإيرانية لتصيب شمال العراق وتبناه الحرس الثوري علناً وبشكل سريع، في إستعراض لافت للقوة الصاروخية الإيرانية.
وبالتالي فإنها تستغل كل هذه المعطيات في الضغط على دول الجوار وتهديد إسرائيل، ومحاولة ترسيخ وجودها العسكري في سوريا والعراق ولجم قدرة إسرائيل وغيرها على السعي لطرد الميلشيات الإيرانية من سوريا
الهجوم الصاروخي الايراني الأخير ينطوي على رسائل جريئة تتعلق بأهمية مراعاة حلفاء طهران خلال مرحلة تشكيل المشهد السياسي العراقي، وتستهدف كذلك رفع سقف الضغوط على مفاوضات فيينا، فضلاً عن الرد على مقتل ضابطي الحرس الثوري بسوريا
الرسالة الأهم والأخطر ـ برأيي ـ موجهة لإسرائيل وأصدقائها الجدد في الخليج، وتتعلق بالتذكير بقدراتها الصاروخية ودقتها وفاعليتها، والتأكيد على تمسك طهران بنفوذها الاقليمي في مرحلة مابعد فيينا، وأن إيران جاهزة للرد على أي تحالف أو استهداف عسكري لها.