يدرك من يعرف ابجديات السياسية في منطقتنا أن إيران تمول وتدعم ميلشيات طائفية في اليمن ولبنان منذ سنوات طويلة مضت العلاقات الوثيقة بين جماعة "الحوثي" وإيران أقدم من عملية "عاصفة الحزم" بسنوات، ونظرة واحدة على التاريخ القريب تؤكد ذلك العلاقة بين جماعة الحوثي وملالي إيران ليست على المستوى الأيديولوجي فقط، بل ترتكز على أسس أمنية، عسكرية لأن النظام الإيراني يخطط منذ سنوات طويلة مضت لاستنساخ تجربة "حزب الله" اللبناني في اليمن، ولاستخدامها في إطار استراتيجيات "الحرب بالوكالة" التي توظفها إيران في توسيع نفوذها الإقليمي وسعيها لبناء طوق حصار استراتيجي حول دول مجلس التعاون.
من المضحك بالفعل أن يزعم قادة الحوثيين نجاحهم في تطوير صواريخ باليستية، فهذا الأمر مثير للشفقة والرثاء على حد سواء، ولكن من غير المنطقي في المقابل توقع اعتراف هذه العصابة بالحصول على الأسلحة والصواريخ من إيران.
مسألة مصدر الأسلحة والصواريخ التي يستخدمها الحوثيين في تهديد أمن دول مجلس التعاون إذن هي مسألة محسومة ربما ارتكب رعاة الحوثيين خطأ استراتيجي فادح بإصدار تعليمات بتوجيه صاروخ باليستي يستهدف مطار الملك خالد في العاصمة السعودية الرياض، فقد توقعوا ردة فعل مماثلة لجرائم سابقة لهم، ولكن جاءت ردة الفعل السعودية حازمة صارمة في توجيه اتهام صريح لإيران بالتورط في إعلان حرب ضد المملكة العربية السعودية.
يدرك صانعو القرار في المملكة الشقيقة أن الحوثي يتلقى توجيهات مباشرة من طهران، وأن إطلاق الصاروخ قد صدر بتعليمات مباشرة من قادة إيرانيين لا يدركون عواقب مايفعلون .
ما يحدث ليس صراعاً تقليدياً بل صراع تاريخي ممتد بعيد تماماً عن الإطار الديني، فالنفوذ الإيراني يتخذ من التشيع ستاراً وشعارات لجذب المؤيدين والمتعاطفين، ولكنه في حقيقة الأمر يخفي طموحات قومية فارسية يحلم بها الملالي الذين ينظرون بازدراء واستعلاء لافت إلى جيرانهم العرب.