استشعر الكثيرون عمق الفرحة التي حلقت في سماء الامارات احتفالاً باليوم الوطني ألـ 88 للمملكة العربية السعودية الشقيقة، فالاحتفالات لم تكن رسمية فقط، بل امتدت للشارع الاماراتي، وعبر عنها مواطني دولة الامارات بشكل جلي وسائل التواصل الاجتماعي وفي جلساتهم الخاصة.
جاء الشعور شعبياً عفوياً متدفقاً يزخر بالحب للشقيقة الكبرى السعودية، حيث ارتسمت الفرحة على الوجوه، وكان هذا أكثر برهان على تفاعل الشعبين مع رؤى قيادتيهما بشأن “نمذجة” علاقات الدولتين الشقيقتين والارتقاء بها إلى مستويات تفوق المفاهيم والأطر البروتوكولية المتعارف عليها في العلاقات الدولية.
حاضر العلاقات بين شعبي الامارات والسعودية يستند إلى ركائز قوية يستمدها من التاريخ والجغرافيا، حيث يعتمد البناء الراسخ للعلاقات على روابط قوية متينة تضرب بجذورها في عمق التاريخ، وتتكئ على حاضر مشرف لعلاقات أخوية قوية تدعمها قيادتين تدركان قيمة ومكانة البلدين، وضرورة بناء تحالف قوي بينهما في مواجهة مخططات الأعداء الطامعين في مقدرات وثروات الشعبين الشقيقين.
الواقع أيضاً أن علاقات التحالف والشراكة القوية بين الامارات والسعودية هي علاقات تستجيب للتحديات والتهديدات الاستراتيجية التي تواجه البلدين، إذ لا يخفي على أحد من المتخصصين والمهتمين بشؤون المنطقة أن هذا التحالف قد نجح تماماً في وقف المد التوسعي الإيراني، الذي يتسم بصبغة طائفية كانت تستهدف إحكام طوق الحصار الاستراتيجي على دول مجلس التعاون عبر طرفي “كماشة” طرفها الأول في الشمال من خلال وجود ميلشيات الحرس الثوري الإيراني ومدعومة بميلشيا “حزب الله” اللبناني في سوريا، وطرفها الثاني في الجنوب عبر خطة كانت تقوم على سيطرة جماعة “أنصار الله” الحوثية الموالية لإيران بالسيطرة على مفاصل الدولة اليمنية وإحكام السيطرة عليها بالكامل لمحاصرة دول مجلس التعاون لمصلحة تنفيذ المخطط الاستراتيجي التوسعي الإيراني.
وكي نفهم جدوى ومردود هذا التحالف بالنسبة لأمن واستقرار المنطقة علينا أن نتخيل اختطاف الدول اليمنية بالكامل بوساطة وكلاء إيران الحوثيين، بكل ما يعنيه ذلك من تهديد استراتيجي بالغ للسعودية والامارات، من خلال تحكم عملاء نظام الملالي الإيراني في ممر باب المندب الاستراتيجي، فضلاً عن تصدير الإرهاب ونشر الفوضى وتحويل اليمن إلى نقطة تمركز للإرهابيين للانتقال إلى الشمال!
ولاشك أن التطور المتسارع في علاقات الامارات والسعودية غنما يمثل استجابة لضرورات استراتيجية وينسجم تماماً مع رغبة شعبية في توطيد العلاقات الثنائية وتعميق التلاحم الشعبي والرسمي، فالإمارات لديها قناعة راسخة من تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ بأن المملكة العربية السعودية تمثل عمقاً استراتيجياً لا غنى عنه لدولة الامارات، وبالمثل تدرك المملكة أن التعاون مع أشقائها في الامارات يعزز قوة الدولة السعودية ويسهم في دعم أمنها واستقرارها انطلاقاً من الايمان بقيمة وحدة الصف في مواجهة التحديات والتهديدات المشتركة.
هنيئاً للأشقاء في المملكة العربية السعودية باليوم الوطني، وهنيئاً لشعبي الامارات والسعودية بفرحة مشتركة تعم البلدين، فيوم المملكة هو يوم الامارات ويوم الامارات هو يوم المملكة، في قصة فرحة وتلاحم شعبي لم ترسمها يد بل جاءت عفوية طاغية عاكسة لشعور شعبي متدفق يؤكد وحدة المصير ويكشف ما ينتظر هذه العلاقات من مستقبل مشرق واعد بإذن الله.